عيون المجلس سياسية ،اقتصادية ،اجتماعية ،ليبرالية شاملة
سعيد ناصف
.. شهدت نهاية القرن العشرين والواحد والعشرين ثورةً في التّكنولوجيا، إذ أصبحت تُسيطر بشكل كبيرٍ على الحياة اليوميّة وتدخل في كلّ تفاصيلها، سواءً في الحياة العَمَليّة أو العِلميّة، حتى وصل الحال إلى الاستغناء عن بعض الأدوات التقليديّة والاستعاضة عنها بأدواتٍ إلكترونيّة أو تِقَنيّة من نتاج ثورة التكنولوجيّا. استمد العصر الحاضر لقب عصر التقنيّة والتّكنولوجيا انطلاقاً من غزو التّكنولوجيا جميع مَناحي الحياة، وعلى كافّة الأصعدة؛ إذ لم يقتصر على التّواصل فحسب، بل امتدّ ليُصبح أحدَ وسائل التّعليم الأساسيّة، والعمل، وأكثر بكثير ممّا كان عليه في السّابق، إذ أنّ انتشاره كان مَحدود النّطاق، إلّا أنّ دائرته بدأت تتّسع حتى ضَمّت جميع مَناحي الحياة الإنسانيّة. ولا مندوحة من القول أن للتكنولوجيا والحداثة أثراً كبيراً فى إتساع الأفق والثورة المعلوماتية .. إلا أنها أيضاً تراجعت بالإنسانيات وقتلت الإبداع اليدوى وحدت كثيراً من التحليق الفكرى !
ومن إيجابيّات التّكنولوجيا في العصر الحديث أيضاً .. أنها مَنحت الإنسان الشّعور بالحريّة والتمكن والسهولة ، فبات من اليسير أن يحصل الإنسان على ما يشاء وقتما يُريد. إتاحة الفرصة للتّواصل الألكترونى وتبادل الآراء والأفكار مع الآخرين، وفتحت أبواباً للنّقاش والحوار مع مختلف الأطياف والتّوجهات في شتّى المواضيع. وإستحداث مفهوم التّجارة الإلكترونيّة، وتيسير عمليّات البيع والشّراء وتبادل العُملات عن طريق الإنترنت. أثبتت أنّها أفضل من حيث التّكلفة، فساهمت في تحسين الإنتاجيّة، ممّا أدّى إلى رفع أجور العاملين. ساهمت في تقديم الخدمات الحكوميّة عن بعد، فأدّت إلى توفير الوقت والجهد. وأوجدت خدمة التعلُّم عن بُعد، وفتحت مجالاً واسعًا أمام البحوث العلميّة. المساعدة على سرعة إنجاز المَهام في أيّ وقت على مدار اليوم والعام. بنت جسراً لتقريب المسافات وجعل العالم قرية صغيرة. استحداث وظائف جديدة، مثل برمجة وتطوير مواقع الويب والمعدّات. استخدام وسائل التّكنولوجيا في الإعلام عن طريق معرفة آخر الأخبار والتّفاصيل مهما تباعدت المسافات، وذلك بما أوجدته الصّحافة الإلكترونيّة من خدمة مُتابعة الأحداث أولاً بأول.
ومن السّلبيات التي تنتج عن التّكنولوجيا . الإدمان التكنولوجى .. إذ تسبّبت التّكنولوجيا وغزوها للحياة اليوميّة للأفراد بعدم القدرة للاستغناء عنها. إزالة حواجز الخصوصيّة، حيث إنّه وبتطوّر التّكنولوجيا أصبحت عمليّات الاختراق أكثر تطوّراً. ميل الأشخاص للانطوائيّة والعزلة، وتراجع التّواصل مع الأصدقاء والعائلة. الاستخدام المُفرِط للتّكنولوجيا يُؤدّي إلى خللٍ في نموّ الجهاز العصبيّ عند الأطفال. تراجع الحرف اليدويّة واللّمسات الفنيّة والإبداع على المصنوعات. اكتساب بعض العادات العنيفة من الألعاب الإلكترونيّة. اندثار الصّحافة الورقيّة في ظلّ وجود الصّحافة الإلكترونيّة التي تتميّز بسرعة نقل الخبر. صعوبة التحقّق من المعلومات والأخبار نتيجة تعدّد المَصادر وسرعة الانتشار. أضرار صحيّة نتيجة إدمان التّكنولوجيا وتوفّرها في متناول الفرد طوال الوقت. الكسل والسُّمنة. عدم وجود عدالة في التّعليم نتيجة طغيان التّكنولوجيا على العمليّة التعليميّة، ممّا أدّى إلى ظلم بعض المناطق الفقيرة التي لا تتحمّل تكلفة الأجهزة. هيمنة بعض الحضارات واللّغات على الأخرى، حيث باتت الثّقافة الأمريكيّة هي السّائدة بين الشّباب بكل مافيها من غرائب على مجتمعاتنا الشرقية . والأهم هو تراجع التواصل المباشروالحقيقي بعيدا عن العوالم الإفتراضية مع الأهل والأحباب. ورب يوم قد يأتى علينا لنجد الإبن يعمل بلوك لأبوه والأم ترسل طلب صداقة لإبنتها ويتحول بيت العيلة لمجتمع فيسبوكى يخضع لقوانين مارك روزنبرج صاحب العالم الأزرق . واللايك والشير والإيموشن الذى يشعر بإقتراب الكارثة !!! ياستار يارب ..
