الجمعة ١٨ أكتوبر ٢٠٢٤

رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

أخبار عاجلة

ماذا لو لم يتدخّل “حزب الله” في غزة؟

العميد/ محمد الحسيني

العميد / محمد الحسيني

منذ اندلاع معركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر العام 2023، وبعد أيام معدودات من شنّ العدو الصهيوني حربه الشرسة على “قطاع غزة” من جهة، والدعم والإسناد الذي أعلنته المقاومة الاسلامية في لبنان لـ “حركة حماس” وفصائل المقاومة الفلسطينية كافة، من خلال إشغال العدو في الشمال الفلسطيني المحتل على امتداد جبهته مع لبنان، وضمن إطار وحدة الساحات مع كل من “اليمن” و”العراق” من جهة ثانية، تباينت الآراء والمواقف وتضاربت وجهات النظر، فتراءى للبعض صوابية ما يقوم به “حزب الله” في معركته الاستباقية لاستنزاف العدو المتورط أساساً في غزة، فيما البعض الآخر وجده غير مجد وغير فعّال ما يدفع لبنان إلى آتون حرب شاملة مع الكيان الغاصب.

من هنا كان لا بدّ من طرح مشهديّة مختلفة، هي افتراضية بكل المقاييس تتناول عدم إسناد “حزب الله” ودعمه “لحركة حماس” في حربها ضد الاحتلال وبالتالي لم يتدخل في هذه الحرب، ولم يزجّ جبهة الجنوب في الصراع… فها هي الحدود هادئة تماماً على امتداد الخط الأزرق، والسكان على طرفي الحدود ينعمون بالسلم والأمان، والحوثيون في “اليمن” لم يحركوا بدورهم ساكنا، فكيف ستكون مجريات الحرب؟ وكيف ستتوجه الأحداث، بوجود جبهة واحدة لا جبهتَين؟

من منظار تحليلي فإنّ مسار الحرب حتماً سيأخذ منعطفاً مغايراً عمّا آلت إليه الأحداث اليوم، أقله في عدم إطالة أمد الحرب، إلى الموقف الدولي عموماً، إلى الانقلاب رأساً على عقب في نمط عمل حكومة حرب العدو، لأنها بادئ ذي بدء سوف تُطلق يد الجيش لتنفيذ خطة عملياتها في غزة بأريحية مُطلقة لعدة أسباب:

1-وضع الحذر والهدوء على الجبهة في الشمال الفلسطيني لا يُرتّب على العدو حشد قوى كبيرة، ولا استنزاف لما يقارب ثلث قواته البرية والبحرية، وبالتالي إمكانية تعزيز جبهة غزة وارد، وجاهز بما لايقل عن فرقتين حدوديتين من أصل الثلاثة المتواجدة على الحدود، فلا خسائر مادية وبشرية سواء عسكرية أو مدنية، ولا انخفاض في معنويات الحكومة وجيشها، فلا حاجة لاستنفاد طاقات الوزراء وكبار ضباط جيش الاحتلال، لانحسار مهامهم في جبهة واحدة فقط لا غير هي غزة.

2-المرونة في التعبئة العامة لمجتمع المستوطنين، والقدرة على توجيه المجهود الحربي والقوة العسكرية الضاربة والمركزة نحو جبهة واحدة، يؤدي إلى تسارع في وتيرة العمليات ما يُسفر إلى سيطرة على كامل القطاع في حدّه الأقصى خلال 100 يوم، وبالتالي ربحاً سياسياً كبيراً “لنتنياهو” يَعقُد عليه الآمال لاستثماره داخلياً وخارجياً.

3-وضع مستوطنات الشمال مستقر، فلا مهجرين بعشرات الآلاف يضغطون على حكومتهم، والحركة التجارية في مجالي الصناعة والزراعة نشطة ومنتعشة ما يؤثّر إيجاباً على الاقتصاد الصهيوني عامة.


4-الملاحة في البحر الأحمر سالكة والبضائع تصل إلى الكيان المغتصب بشكل طبيعي وبالتالي الوضع الاقتصادي للعدو على حاله وفي نشاطه المعتاد باستثناء غلاف غزة بسبب الحرب على القطاع.

5-إنحسار مسرح العمليات العسكري والسياسي ضمن بقعة جغرافية واحدة وهدف واحد، يُمّكن الإعلام الصهيوني من الإضاءة عليه بصورة “دراماتيكية” من خلال إبراز هيبة جيش الاحتلال في قدرته على تحييد جبهة الشمال والحسم السريع في القطاع، ما يترك أثراً معنوياً عالياً لدى مجتمع المستوطنين.

6-لا إرباك ولا ضغوطات داخلية كبيرة على “نتنياهو” باستثناء وضع الأسرى أمّا ملفه القضائي فإنّ له حسابات أخرى ترتبط بمدى نجاحه في حربه على “غزة”، أمّا على المستوى الخارجي فإنّ عدم اطالة زمن الحرب والقدرة على السيطرة ضمن مدة قصيرة يُخفّف من حدة الانتقادات الخارجية للدول مهما ارتكب العدو من مجازر.

7-الروح المعنوية لفصائل المقاومة سوف تتأثر سلباً، وقد تتدنى لشعورهم بالخذلان والقتال وحيدين معزولين تماماً قد تخلى الجميع عنهم بمن فيهم “حزب الله” و”أنصار الله” في اليمن.

لذا من الواضح لا بل من المؤكد أنّ “جبهة واحدة لا جبهتين” سوف تُنتج عدم رهبة أو خشية دولية من تدحرج كرة الحرب في غزة وصولاً إلى حرب “إقليمية شاملة”، ما يُخفّف القلق والعبء عن الديبلوماسية الدولية ويُحجِمها عن ممارسة الضغوط على العدو لناحية وقف الحرب تماماً أو حتى العمل على هدنة إنسانية مؤقتة، وبالتالي مماطلة عربية وغربية لمعالجة العدوان الصهيوني على غزة، سيكون بمثابة إذن سماح لمزيد من المجازر ومزيد من التدمير، ومزيد من نقاط القوة لجيش الاحتلال في الحسم السريع، ما يمنحه أيضاً مزيد من المساحة للمناورة لاحقاً على تصفية حساباته مع الضفة الغربية، كل هذا سينعكس سلباً على جوهر القضية الأم، القضية الفلسطينية برمتها حيث سيعمل العدو مستفيداً من كل هذا إلى طمس الهوية الفلسطينية، ومحاولة شطب أي معادلة وإلغاء أي مشروع يأتيان على ذكر دولة فلسطين.

وأيضاً وأيضاً… ما لا شك فيه أنّ “جبهة واحدة لا جبهتين” يُعطي العدو نقاط قوة مجانية إضافية في أية مفاوضات إذا تمت بينه وبين حركة حماس عبر الوسطاء، حيث ستفاوض وحيدة وعن جبهة واحدة فقط لا عن محور المقاومة ككل، ما يُقدّم للصهاينه تفوق معنوي لابتزاز حركة حماس وفصائل المقاومة من بعد تجريدهم من ملف تفاوضي استراتيجي ألا وهو “وحدة الساحات”. وبالتالي سيُعلن العدو سيطرته على كامل القطاع بخسائر أقل ممّا عليه الآن، محاولاً إبراز نصره الاستراتيجي على معقل من معاقل الأرهاب (وفقاً لتعبيره)، مصاباً بالنشوة والزهوّ معلناً عن جاهزية جيشه للقتال في شتى الساحات والميادين، مستثمراً نجاحه هذا في المحافل الدولية، لإعطاء قواته صِفة “شرطي المنطقة”، والقوة الوحيدة القادرة على انتزاع الأرهاب (على حد زعمه) من جذوره وتحديداً “حزب الله” في لبنان…

عن Eyon Elmagles

شاهد أيضاً

وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد: نلاحق قادة حماس واحتمال مقتل السنوار مرتفع

وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد: نلاحق قادة حماس واحتمال مقتل السنوار مرتفع

وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد: نلاحق قادة حماس واحتمال مقتل السنوار مرتفع كتبت: سماح علي حامد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *