الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤

رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

أخبار عاجلة

كشف أسرار “المرأة الصارخة” من مصر القديمة بعد 3500 عام

كتب: محمد إبراهيم

بفم مفتوح على مصراعيه، متخذة وضعية أبدية تبدو كصرخة، استحوذت امرأة مصرية قديمة على خيال علماء الآثار الذين اكتشفوا بقايا مومياءها عام 1935 في مقبرة بالقرب من مدينة الأقصر، جنوب مصر.

ولا يزال فريق من العلماء مفتونين بمومياء “المرأة الصارخة” التي توفيت قبل حوالي 3500 عام، واستخدموا أخيرًا عمليات مسح بالأشعة المقطعية للكشف عن تفاصيل حول مورفولوجيا المومياء وحالتها الصحية وحفظها، واستخدموا التصوير بالأشعة تحت الحمراء وتقنيات متقدمة أخرى “لتشريح البقايا افتراضيًا”، لفهم ما سبب تعبير وجهها المذهل.

وكشفت نتائجهم، التي نشرت الجمعة، في الدورية الطبية “Frontiers in Medicine”، أن المرأة كانت تبلغ من العمر 48 عامًا عندما توفيت، استنادًا إلى تحليل مفصل الحوض الذي يتغير مع تقدم العمر.

تقنيات التحنيط المستخدمة

برزت جوانب معينة من العملية المستخدمة لتحنيطها. وقالت الدكتورة سحر سليم، أستاذة الأشعة بمستشفى قصر العيني في جامعة القاهرة، إن جسد المومياء جرى تحنيطه بالبخور وراتنج العرعر، وهما مادتان باهظتا الثمن كان يتم استيرادهما من أماكن بعيدة.

ولم تجد سليم أي شقوق في الجثة، وهو ما يتوافق والتقييم الذي أجري أثناء الاكتشاف الأصلي بأن الدماغ، والحجاب الحاجز، والقلب، والرئتين، والكبد، والطحال، والكلى، والأمعاء كانت لا تزال موجودة. وأشارت الدراسة إلى أن الفشل في إزالة الأعضاء الداخلية كان غير مألوف، إذ أن الطريقة الكلاسيكية للتحنيط في تلك الفترة كانت تتضمن إزالة جميع تلك الأعضاء باستثناء القلب.

حالة صحية وتحليل ملامح المومياء

وجد الباحثون أن طول المرأة مجهولة الهوية كان 1.54 متراً، وكانت تعاني من التهاب مفاصل خفيف في العمود الفقري، مع الكشف عن نتوءات عظمية على بعض الفقرات التي تشكل العمود الفقري. وكانت هناك أيضًا أسنان مفقودة عدة من فك المرأة، يعتقد أنها فقدت قبل الوفاة.

ومع ذلك، لم تتمكن الدراسة من تحديد سبب الوفاة بدقة. وأفادت سليم في بيان صحفي: “هنا نُظهر أن تحنيطها جرى بمواد تحنيط مستوردة باهظة الثمن”. وأضافت: “هذا، إلى جانب المظهر المحفوظ جيدًا للمومياء، يتناقض مع الاعتقاد التقليدي بأن الفشل في إزالة أعضائها الداخلية يعني تحنيطًا رديئًا”.

تساؤلات حول تعبير الوجه الصارخ

وأشارت الدراسة إلى أنه عُثر على عدد قليل فقط من المومياوات المصرية القديمة بأفواه مفتوحة، حيث كان المحنطون يلفّون عادةً عظم الفك والجمجمة لإبقاء فم المتوفى مغلقًا.

أوضحت سليم أن طبيعة المومياء المحفوظة جيدًا، وندرة وتكلفة مواد التحنيط، إلى جانب تقنيات جنائزية أخرى مثل استخدام شعر مستعار مصنوع من نخيل التمر وخواتم توضع على الجسم، يبدو أنها تستبعد عملية تحنيط غير مدروسة بموجبها أهمل المحنطون إغلاق فمها.

وبحسب الدراسة، فإن “تعابير الوجه الصارخة” التي ظهرت على المومياء يمكن قراءتها على أنها تشنجات في الجثث، وهو شكل نادر من تصلّب العضلات المرتبط بالوفيات العنيفة، ما يعني أن المرأة ماتت وهي تصرخ من الألم.

ومع ذلك، فإن تعابير وجه المومياء لا تشير بالضرورة إلى شعور الشخص لحظة الوفاة، وفقًا للدراسة. ويمكن أن تؤثر عوامل عدة أخرى، ضمنًا عملية التحلل، ومعدل التجفيف، وقوة الضغط من اللفائف، على تعابير وجه المومياء.

وقالت سليم لـCNN: “السبب، أو التاريخ الحقيقي، أو الظروف التي أدت إلى وفاة هذه المرأة غير معروفة، وبالتالي لا يمكن تحديد سبب ظهورها بملامح وجه صارخ”.

مكان الدفن وعلاقته بالشخصيات التاريخية

دفنت “المرأة الصارخة” تحت قبر سنموت، مهندس معبد الملكة المصرية حتشبسوت (1479-1458 قبل الميلاد) الذي شغل مناصب مهمة خلال فترة حكمها. ويُعتقد أن المرأة كانت من أقرباء سنموت، وفقًا للدراسة. وعثر على رفاتها أثناء رحلة استكشافية قادها متحف متروبوليتان للفنون في مدينة نيويورك، ويُعرض نعشها هناك اليوم، بينما جثتها المحنطة محفوظة في المتحف المصري بالقاهرة.

مومياوات أخرى ذات فم مفتوح

لفتت سليم إلى أنها درست سابقا مومياواتين أخريين ذات فم مفتوح من مصر القديمة. إحداهما، مومياء يُعتقد أنها بقايا أمير يُعرف باسم “بنتاؤر”، وقد ذبح حلقه لدوره في اغتيال والده رمسيس الثالث (1185-1153 قبل الميلاد). وأفادت سليم في البيان الصحفي، إن جسده كان بالكاد محنطًا، ما يشير إلى نقص الرعاية في عملية التحنيط.

أما المومياء الثانية فكانت لامرأة تُعرف باسم الأميرة ميريت آمون التي توفيت بنوبة قلبية، وأشار تحليل سليم إلى أن فمها الواسع كان بسبب تقلص أو حركة فكها بعد الوفاة.

ختامًا، تساعد هذه الدراسات على فهم المواد والتقنيات التي كانت متاحة في العصور القديمة وكيف استخدمها أسلافنا، كما تسهم في كشف النقاب عن صحة وأساليب حياة المصريين القدماء، وتسلط الضوء على جوانب غير معروفة من تاريخهم.

عن أحمد شعبان

شاهد أيضاً

معركة قادش: المعركة التي لم تُحسم ولكنها غيّرت مجرى التاريخ

معركة قادش: المعركة التي لم تُحسم ولكنها غيّرت مجرى التاريخ

كتب: أحمد شعبان معركة قادش، التي وقعت في عام 1274 قبل الميلاد، تعتبر واحدة من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *