عيون المجلس سياسية ،اقتصادية ،اجتماعية ،ليبرالية شاملة
كتب: أحمد شعبان
في صباح اليوم، أعلن السفير محمد مرسي عن وفاة نبيل العربي، وزير الخارجية المصري الأسبق والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عن عمر يناهز 89 عامًا. هذا الخبر ألقى بظلاله على الأوساط الدبلوماسية والسياسية في مصر والعالم العربي، حيث فقد العالم العربي شخصية من أبرز رجال القانون والدبلوماسية الذين ساهموا في تشكيل مسار العلاقات الدولية في المنطقة.
نبيل العربي ومسيرته الدبلوماسية
وُلد نبيل العربي في القاهرة عام 1935، وبدأ مسيرته الدبلوماسية بالالتحاق بالسلك الدبلوماسي المصري في خمسينيات القرن الماضي. حصل على درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة نيويورك، مما أهّله ليكون أحد أبرز المتخصصين في هذا المجال. خلال مسيرته، تقلد العديد من المناصب البارزة منها سفير مصر لدى الأمم المتحدة ووزير الخارجية المصري، حيث قاد مفاوضات حاسمة وأدار أزمات متعددة على الصعيدين الوطني والدولي.
الدور المحوري في جامعة الدول العربية
أحد أبرز مراحل حياة العربي المهنية كان توليه منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية في فترة حرجة من تاريخ المنطقة. قاد العربي الجامعة خلال سنوات من الاضطرابات والتحولات السياسية في العالم العربي، وكان له دور فعال في تعزيز الحوار بين الدول الأعضاء ومحاولة الحفاظ على الوحدة العربية في مواجهة التحديات. تحت قيادته، شهدت الجامعة العربية محاولات متواصلة لتعزيز التضامن العربي وإيجاد حلول للقضايا المزمنة في المنطقة، بما في ذلك الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
موقف نبيل العربي من قضية غزة
تميز نبيل العربي بموقفه الثابت من القضية الفلسطينية وخصوصًا من الأحداث المتكررة في غزة. خلال توليه منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، كان له دور بارز في إدانة العدوان الإسرائيلي على غزة ودعوة المجتمع الدولي للتحرك لوقف الاعتداءات وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني. كان العربي دائمًا يؤكد على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية وأن حلها يتطلب تضافر الجهود الدولية والإقليمية.
في واحدة من تصريحاته البارزة أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة، قال العربي: “لا يمكن للعالم أن يقف مكتوف الأيدي أمام ما يحدث في غزة. إن حقوق الشعب الفلسطيني في الحياة والأمن والسلام يجب أن تكون محل اهتمام المجتمع الدولي بأسره.” هذه الكلمات جسدت التزامه العميق بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين ورفضه القاطع للعنف ضد المدنيين.
إرث نبيل العربي في الدبلوماسية والقانون الدولي
ساهم نبيل العربي خلال حياته المهنية في إرساء العديد من المبادئ الأساسية في الدبلوماسية والقانون الدولي، حيث كان له دور بارز في صياغة الاتفاقيات الدولية ودفع الجهود نحو تحقيق السلام في المنطقة. تميز بأسلوبه الهادئ والرزين في التفاوض، مما جعله مثالًا يحتذى به في الدبلوماسية المصرية والعربية.
يرحل نبيل العربي ويترك خلفه إرثًا غنيًا من الإنجازات والخبرات التي ستظل تلهم الدبلوماسيين وصناع القرار في مصر والعالم العربي. رحل ولكنه سيبقى في ذاكرة الأجيال القادمة كشخصية كرّست حياتها لخدمة الوطن والقضايا العادلة.
إن رحيل نبيل العربي لا يمثل فقط خسارة لدبلوماسية مصر والعالم العربي، بل هو فقدان لمدرسة كاملة في فن التفاوض والقانون الدولي. مدرسة جمعت بين الخبرة العميقة والالتزام بالمبادئ، ووضعت نصب عينيها رفعة مصر وحماية حقوق الشعوب العربية، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني. رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.
