بقلم: نجمة عمر علي
سأكون أمك وحضنك…
لن أضيفك إلى قائمة فاقدي الذاكرة، فأنا ذاكرتك…
أنا الحب…
أنا الوطن…
أنا السلام المرتقب…
أنا قدرك…
أنا علامة الاستخارة…
أنا الجنون…
أنا التعقل…
أنا النار وأنا البرد…
لن أعوضك عن الحب، ولن أفعل شيئًا سوى أني أحبك…
لن يعوضني حضن أمي…
كنت قد استرسلت في الصمت والهدوء، بحجم الوجع الملبد كالسحاب الذي أمطر دموعًا. كان يلقف ما يقع مني من حبات العين الثقيلة. شعرت بالبرد وجفاف في الحلق…
سابقت الوقت لأكف عن الكلام، لكنني لم أتوقف. كنت أنجرف وراء صمته فأزداد تلعثمًا في ثرثرتي غير المعتادة. وكأنني أعرفه منذ سنوات كثيرة مضت… وكأنني خُلقت فقط لتلك اللحظات القليلة.
كان المكان أشبه بعالم من الخيال… كأنني أميرة في قصر من زجاج مكسور. من بين الفجوات المقيتة، أرسم بجروحي طريقًا للخروج. المكان خارجًا كان باردًا جدًا ومخيفًا. عدت أركض نحوه باحثة عن ركن صغير أتكور فيه كحلزون يبحث عن طعم المطر.
اقتربت بأطراف مرتعشة وأنفاس متجمدة… كنت أعيش الخيال، لكنه كان واقعيًا جدًا. كان يفرق بين الواقع والخيال، أما أنا، فكنت بلا عنوان.
دفنت كل الحكايات في مكان قريب مني. حفرت في الأرض حتى وجدت الماء، وزرعت من الشجر ما يكفيني لفصل الشتاء. جمعت الأوراق من فصل الخريف وخبأتها تحت شجرة البلوط الظليلة. كنت أجهز مكانًا للمبيت… خيمة بلا سقف ولا باب.
رضيعة وسط الركام، ترتبط بالمكان بحبل سري غير مقطوع. الأم قطعت حبل الوصل مع الألم، وتوجت رحلتها بنهاية سعيدة تشبه البدايات.
تحمل فوق كتفيها كيسًا من تراب وكيسًا من حجر، وتغرف من الدموع أطنانًا. تسكت هي، ويسكت التراب، ولا يسكت الحجر.
يتفجر الصخر ويتفتت الثلج… وتظهر في سماء ذلك الوطن نجمة تنتظر بزوغ الفجر… كانتظار غريب يقسم أن لا يخون الوطن.
بإمكانك قراءة كل ما نشر للكاتبة نجمة عمر علي خلال زيارة الرابط