إمرأةٌ جميلةٌ تجلسُ علي أريكتِها بينَ جدرانِ غرفتِها الأربع، في يدها فنجانُ القهوة، وبين شعورِها بالوحدة جالَ في خاطرِها الخروج، فنفضتْ عنها غبارَ السنين وارتدتْ ملابسَها وخرجتْ.. إلى أين؟
إلي مجهولٍ لا تعرفُه….
وأثناءَ سيرِها بينَ الطرقات لفتَ نظرَها كافيه مدخلُه أنيق، دخلتْ وجلستْ على طاولة، وأثناءَ جلوسِها كانتْ نظراتُها تستطلعُ المكان، إذ كان يجلسْ علي الطاولة المقابلةِ لها كاتبُها المفضل، كان أنيقَ الملبس، يضعُ علي طاولتِه كتابًا ودفترًا، ويحملُ في يدهِ قلمًا، فأحستْ بفرحٍ شديدٍ لرؤيتِه، كانت تحدثُ نفسَها وهيَ تنظرُ إليه، هل أنا أحلم؟ هل هو فعلًا؟ فكادَ قلبُها أنْ يقفزْ فرحًا، وعندما نظرَ الكاتبُ نحوَها أحستْ بالخجل، وأطرقتْ برأسِها إلي أسفل، حتي لا تفضَحُها لمعةَ عينيها. أفاقتْ من أفكارِها عندما جاءها النادل بصينيةٍ عليها كوكيز بقطعِ الشيكولا التي تعشقُها وكوب لاتيه. اندهشتْ لأنها لم تطلبْ شيئآ بعد، فكيف أتى هذا الطلب، وفكرتْ.. هل هذه خدمةٌ مجانيةٌ للترحيبِ بالزبائن؟ لا أعتقد ذلك، إذًا ما هذا؟
لم تقاوم عشقَها فمدتْ يدَها وأخذتْ قطعةَ كوكيز، وفجأة أتي إليها نادلٌ آخر وقال لها: آسف سيدتي.. لقد أخطأ زميلي.. هذا الطلبُ لطاولةٍ أخرى وأشارَ بيدهِ لطاولةِ الكاتب.. ثم أخذَ الطلبَ منْ أمامٍها وذهبَ به لطاولتِة، فسألهُ الكاتبُ: ماذا حدثْ؟ قال النادلُ: إنه طلبَك سيدي.. وضعهُ هناكَ زميلي بالخطأ فقالَ له: خذْ الطلبَ واعتذرْ لها. عادَ النادلُ بالطلب معتذرًا ووضعهُ علي طاولتِها..
فنظرتْ للكاتبِ وابتسمتْ لإعادةِ الطلبِ لها.. وسألتْ النادل: لماذا عدتَ به؟ فنظرَ إلى الكاتبِ متحيرًا، وقال لها إن الطلبَ علي حسابِه، فرفضتْ وصممتْ على أن تدفعَ الحساب.
ذهبَ النادلُ للكاتبِ وقالَ إن السيدةَ ترفضُ أن تدفعَ لها الحساب، فأشارَ الكاتبُ له بالإنصراف، ونظرَ لها. تغيرتْ ملامحُها البريئةَ وتحولتْ لملامحَ قطةٍ بريةٍ متوحشة، وأثناء أخذَها لشنطةِ يدِها لتهمَّ بالمغادرةِ من المكان، إذ بها تري العيونَ التي حدقتْ بالنظرٍ إليها تقترب، وعندما وصلَ الكاتبُ لطاولتِها ألقي عليها التحية، ثم قال لها لماذا تغضبين؟
نظرتْ إليه بحدة.. فقال هل لنا بالجلوسِ سويآ؟
وأشارَ لها علي المقعد وقال: لو سمحتِ إجلسي نتحدث قليلًا، فهمدتْ ملامحُها وجلستْ.
قال لها: أنا لا أقصدُ إهانتكِ ولكنني لم يعجبني تصرفَ النادل معكِ فسامحيني. قالت له: حصلْ خير ولكنَّ الحسابَ عندي.
ردّ عليها قائلًا: تمام لا تغضبي إذًا…
إبتسمتْ ابتسامةً خفيفةً وتبادلا الحديثَ سويًا، فقالت له: إني أعرفك.. إنكَ الكاتب المعروف، قال لها: هل قرأتِِ كتبي؟
قالت: البعضُ منها فقط. ابتسمَ وقال لها: إني سعيد لأنكِ من قرائي. فتحَ الكتابَ الذي أمامَه وكتبَ عليهِ إهداءً لها وأعطاها إياه، أخذتْه منه ثم شكرتْه. طلبَ منها قبل أن يغادر طاولتَها أن يتبادلا أرقامَ هاتفيهما، علي وعدٍ أن يتحدثا سويآ وليعرفَ رأيَها بروايته، ثم استأذن وعاد إلي طاولته، نظرتْ للكتاب وبدأت في فتح غلافه لتقرأ الإهداء:
إلي الغاضبةِ الخجولةِ والجميلةِ أيضآ..
أتمني لكِ قراءةً ممتعة.. الإمضاء ..
فلاحقتْه بنظراتِها، ونظر إليها بابتسامةٍ ساحرةٍ ولئيمةٍ كأنه علمَ بالإضطرابات التي انتابتْها بعد أن قرأتْ إهداءهُ لها، كأنه علمَ بما يُكِنُّه قلبُها له من مشاعر، فقامتْ لتغادرَ المكان.. أثناء وضعِها لنظارتِها الشمسيةِ مع حركةٍ لرأسِها تتطايرُ أثناءها خصلاتُ شعرِها في الهواء وهي تخطو آخرَ خطواتِها في المكان، تحلُم بحديثِهِما القادم.
حنان محمد تكتب صدفةٌ جميلة (قصة قصيرة)
Zolpidem Cheap Online الخميس 13 أكتوبر 2022 منوعات اضف تعليق
Buying Zolpidem Uk