الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤

رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

أخبار عاجلة

ومتى تنصت الحكومة ولو قليلًا لمقهوري هذا العصر.. “أصحاب المعاشات”..!

بقلم/ منير سليمان

على جميع المسئولين ان يعوا جيدًا أنهم يخالفون كل المبادئ الإنسانية والاجتماعية في تعاملهم مع أصحاب المعاشات.

المعاش ليس بصدقه تتصدق بها الدولة على المواطنين، وإنما هو حق للمؤمن عليهم والمستحقين عنهم.

متى تُحاسَب الحكومة على ما تقترفه من مخالفات صريحة يلزمها به الدستور..؟! ومن يحاسبها..؟؟!!

لسنا حيوانًا لا نطلب إلا مِعدة ممتلئة, نحن نريد أن نعيش حياة جديرة بكائنات بشرية.

القيمة الحقيقة للمعاشات المتدنية تأثرت بالقيمة الحقيقية للمعاشات بقرارات الحكومة بتخفيض قيمة الجنيه المصري من جديد مقابل الدولار اعتبارا من مارس 2022.

من يتقاضون معاشًا شهريًا أقل من 2500 جنيه وليس 900 جنيه كما سبق وذكرنا.. يجدون صعوبة شديدة في تلبية الحد الأدنى من مستلزمات حياتهم.

لابد من إقرار الدولة واعترافها قانونًا بحد أدنى للمعاشات من غير بخس أو ظلم او اجحاف.

الحد الأدنى الحالي لا يحقق بأية حال وبأي مقياس الحد الأدنى من الحياة الإنسانية وليس الحياة الكريمة.

مواد القانون رقم 148 لسنة 2019 تستوجب دراسة مستقلة تكشف مدى ما الحقته بأصحاب المعاشات بل والعاملين أيضا من ظلم.

المحكمة الدستورية العليا يقع على عاتقها التدخل والتأكيد على أن عدم اصدار قانون يضمن حد أدنى للمعاش يحقق الحياة الكريمة.

يمثل التدني الشديد وغير المسبوق في الحد الأدنى للمعاشات أولى واهم المشكلات الشائكة التي تواجه جميع أصحاب المعاشات التأمينية والمستحقين عنهم والذى تقترب أعدادهم حاليًا (أكتوبر 2022) من احدى عشر مليون مسن من أمهاتنا وآباؤنا وأجدادنا، يحصل منهم وفقا للأرقام الرسمية المعلنة من وزارة التضامن الاجتماعي على أقل من 1000 جنيه نحو 2.5 مليون صاحب ومستحق معاش, وهذا التدني في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية غاية في القسوة والصعوبة، يتطلب تحركًا عاجلاً وحاسمًا من مختلف المسئولين سواء السلطة التنفيذية او التشريعية بهدف القضاء على هذا التدني, وبما يحقق الحد الأدنى من الحياة الكريمة لأصحاب المعاشات، وكلما تأخر هذا التحرك، كلما زادت حِدة الغضب والغليان وعدم الرضى بين – وبلا مبالغة – مقهوري هذا العصر وهم ” أصحاب المعاشات”.. ولعلنا نشير فيما يلى وفى نقاط سريعة ولكنها محددة بما يؤكد على الأهمية القصوى لاتخاذ القرار الواجب “اليوم قبل الغد” بزيادة الحد الأدنى للمعاشات وما يترتب عليه من زيادة لجميع أصحاب المعاشات.

1- من الصعب.. بل من المستحيل ان يصدق أحد ان الحد الأدنى للمعاشات المذكور بالرقم والقيمة في قوانين زيادة المعاشات السنوية لم يجري عليه أي تغيير منذ ما يزيد على ثلاث سنوات.. ويبلغ 900 جنيه فقط تخلو تماما من أي منح او مكافآت حتى في عدد من المناسبات الوطنية منها او الدينية، وهذا المبلغ مقرر بالمادة الثانية من قانون زيادة المعاشات اعتبارا من 1/7/2019 ، وجميع القوانين السنوية التي تلت هذا التحديد اقتصرت على إقرار العلاوة السنوية الدورية دون أن تتضمن زيادة قيمة الحد الأدنى للمعاشات سابق الإشارة اليه ( 45 دولار الآن – 1.5 دولار يوميا)
2- بمقارنة الحد الأدنى للمعاشات الذى لم يشهد أي تعديل على مدار ثلاث سنوات .. نجد انه قد صدرت عدة تعديلات بالزيادة على الحد الأدنى للأجور حتى وصل الحد الأدنى للأجور الى 2700 جنيه اعتبارا من 1/4/2022 بالإضافة إلى علاوة شهرية مقطوعة بمبلغ محدد, يستفيد منها جميع العاملين بلا استثناء وهذا الحد كان من شأنه أيضا احداث زيادة في الحوافز والمكافآت والمنح التي أصبحت تصرف للجميع تقريبا في عدد من المناسبات الاجتماعية او الدينية او القومية، والتي تحولت مع الوقت الى كون هذه المنح حقًا مكتسبًا.
3- ولعلنا نسجل هنا وبوضوح شديد ان الحد الأدنى للأجور هو الآخر يمثل تحديًا يتطلب زيادته بما يحقق الحياة الكريمة المناسبة لجميع المواطنين.
4- بالنظر الى ما سبق عرضه من أرقام، يتضح أن الحد الأدنى للمعاشات لا يزيد بأية حال عن 25% من الحد الأدنى للأجور, بل لعله يكون أقل من ذلك، فيما يعاني جميع المواطنين (عاملين كانوا أو أصحاب المعاشات) من نفس الواقع شديد الصعوبة متمثلا في ارتفاعات لم ولن تنقطع في أسعار جميع السلع والخدمات وعلى سبيل المثال لا الحصر, فالزيادات التي جرت ومازالت مستمرة التي صدرت وتصدرها الأجهزة والهيئات الحكومية سواء كهرباء أو غاز أو مياه وصرف صحي, بالإضافة إلى الارتفاعات التي طالت الكثير من الرسوم المقررة على مختلف الخدمات .. هذه الارتفاعات والزيادات يتحملها الجميع بلا تمييز.

مثال حي لواقع مؤلم ومرير.. !

وإذا ما ذكرنا مثالاً حيًا نبرز من خلاله مدى الظلم والاجحاف, وعدم تقدير الدولة بكل أجهزتها لأصحاب المعاشات, فمن يتقاضون معاشا شهريًا أقل من 2500 جنيه وليس 900 جنيه كما سبق وذكرنا.. يجدون صعوبة شديدة في تلبية الحد الأدنى من مستلزمات حياتهم.. (فالأسرة التي تتكون من أربعة افراد اذا ما توفر لها فرص للعيش على الفول والطعمية فقط في جميع وجباتها اليومية) .. فلن تقل قيمة الوجبة الواحدة عن 40 جنيها بتكلفة يومية 120 جنيها وبإجمالي 3600 جنيه شهريا ومن الواضح أننا لم نذكر ما تتحمله هذه الأسرة من ايجار المسكن مهما كان ضئيلا، واستبعدنا تكاليف استهلاك المياه والكهرباء والغاز، ولم نذكر أي مبلغ لمواصلات لأي فرد من افراد الاسرة, وكأنهم لا يحتاجون لحد أدنى من الملابس ، أو مصروفات للعلاج والدواء والذي من المعروف أنه يمثل بندًا أساسيًا في ميزانية أي صاحب معاش.

وماذا تعنى الحياة الكريمة في مواد الدستور..!

واذا كان الدستور المصري هو مرجعنا للقياس بين مواده والواقع المعاش فعليًا, فقد ذهب الدستور إلى أن المعاش ليس بصدقه تتصدق بها الدولة على المواطنين، وإنما هو حق للمؤمن عليهم والمستحقين عنهم.. (وأوضحت مواده التي سنأتي الى ذكرها فيما بعد) بان حصول أصحاب المعاشات على حقوقهم لا يتم الا بإتاحة كاملة دون نقصان او جور على أي حق من حقوقهم, وفي مقدمة هذه الحقوق بل من أهمها, هو إقرار الدولة واعترافها قانونًا بحد أدنى للمعاشات يحقق لهم جميعًا الحياة الكريمة بمضمونها المتكامل في العدل الاجتماعي والكرامة الإنسانية، وان يتم ذلك من غير بخس أو ظلم او اجحاف, والحد الأدنى الذى نتحدث عنه ” 900 جم – 45 دولار “لا يحقق بأية حال وبأي مقياس الحد الأدنى من الحياة الإنسانية وليس الحياة الكريمة المذكورة بمواد الدستور (فالمادة 27 من الدستور المصري القائم اشارت في فقرتها الثالثة عن المقومات الاقتصادية) , “ويلتزم النظام الاقتصادي اجتماعياً بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية .. وتقليل الفوارق بين الدخول.. والالتزام بحد أدني للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة”.

ولم تكتفى المادة (83) من الدستور بما سبق التأكيد عليه بالمادة (27) بل اضافت بعدا هاماً لضمان حقوق المسنين (بان تلتزم الدولة بضمان حقوق المسنين صحيًا وثقافيًا وترفيهيًا وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، وتمكينهم من المشاركة الحياة في العامة) ولمزيد من التوضيح يتواصل نص المادة (83) في ابراز مقومات الحياة الكريمة بان (تراعى الدولة في خططها للمرافق العامة احتياجات المسنين.. كما تشجع منظمات المجتمع المدني على المشاركة في رعاية المسنين), والسؤال الذى يفرض نفسه.. أين نحن من التزامنا بمواد الدستور..؟!, ومتى تُحاسَب الحكومة على ما تقترفه من مخالفات صريحة يلزمها به الدستور..؟! ومن يحاسبها اذن..؟؟!! ، وتوضيحًا لذلك نود الإشارة في هذا الصدد الى أن المخالفة الدستورية لا تقتصر بالضرورة على العمل الإيجابي, بمعنى ان تقوم السلطة التشريعية بإصدار قانون مخالف الدستور.. بل أن امتناع السلطة التشريعية عن وضع احكام الدستور الواضحة والصريحة موضع التنفيذ وعدم إصدارها بما يلزم به الدستور جميع السلطات بلا استثناء, فعدم التدخل في حد ذاته يعد مخالفة دستورية تستوجب تدخل سلطة القضاء الدستوري فالمحكمة الدستورية العليا يقع على عاتقها التدخل والتأكيد على أن عدم اصدار قانون يضمن حد أدنى للمعاش يحقق الحياة الكريمة كما وضحت في المادتين ( 27) ، (83) يعد في حد ذاته مخالفة دستورية تستوجب الحساب.

ونشير في ذات الصدد أيضًا الى ما قاله الدكتور/ محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة ” انه ” ان لم تقم السلطة التشريعية بتفعيل ” تلك المواد التي تحددت عن أموال أصحاب المعاشات وحقوقهم بالدستور (17، 27، 83) لتكون نصوصًا حية بين الناس يشعرون بها في حياتهم اليومية وتؤمن لهم مستقبلهم فأنها تصبح كإعجاز نخل خاوية وهذه هي حقيقة الواقع المرير الذى يعيشه أصحاب المعاشات, والقانون رقم 148 لسنة 2019 والخاص بالتأمينات والمعاشات يشارك بمواده المخالفة للدستور والواقع في زيادة معاناة أصحاب المعاشات, واذا كانت مواد القانون رقم 148 لسنة 2019 تستوجب دراسة مستقلة تكشف مدى ما الحقته بأصحاب المعاشات بل والعاملين أيضا من ظلم، فإننا نقصر في هذه السطور عن مدى ارتباط نص المادة (35) من علاوات دورية سنوية تسهم بما لا يدع مجالاً للشك في زيادة معاناة أصحاب المعاشات من واقعهم الأليم.

جاء بنص المادة (35) سابق الإشارة اليها ” تزاد المعاشات المستحقة في 30 يونيو من كل عام اعتبارًا من أول يوليو، بنسبة لا تقل عن معدل التضخم بما لا يزيد على 15% , واذا ما تجاوزنا عن الرفض القاطع والجماعي لأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم للعديد من مواد القانون 148 لسنة 2019 ومن بينها هذه المادة فان العلاوة الدورية التي بدأ تطبيقها مبكرًا لأصحاب المعاشات اعتبارًا من اول ابريل 2022 بدلاً من اول يوليو 2022 بلغت 13% فقط فيما أن نسب التضخم المسجلة وفقًا للتقارير الشهرية التي يصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء هي 14.9% في نهاية ابريل – 15.30% في نهاية مايو – 14.7% في نهاية يونيو – 14.6% في نهاية يوليو – 15.3% في نهاية أغسطس – 15.3% في نهاية سبتمبر) وقد زادت هذه النسب فيما يصدره البنك المركزي من إحصاءات لتصل في نهاية شهر سبتمبر 2022 (ما يقترب من 17.00%) .

وما تكشف عنه هذه الأرقام يمثل امرا غاية في الخطورة يضاف الى ما سبق توضيحه عن واقع مقهوري العصر من اعتداء على حقوقهم المشروعة التي أكد عليها الدستور, “أن القيمة الحقيقة للمعاشات المتدنية من حيث المبدأ قد تناقصت خلال هذه الشهور من ابريل 2022 حتى أكتوبر 2022 عما كانت عليه قبل إقرار ما يسمونه بالعلاوة الدورية السنوية”, وقد وضح أيضًا مدى تأثر القيمة الحقيقية للمعاشات بقرارات الحكومة بتخفيض قيمة الجنيه المصري من جديد مقابل الدولار اعتبارا من مارس 2022، وكان حينها 18.23 جنيه ليصل الى ما يقارب العشرين جنيهًا في منتصف أكتوبر 2022، وتشير كل التوقعات والمؤشرات ان قيمة الجنيه المصري ستواصل انخفاضها ليس فقط مقابل الدولار بل مقابل العديد من العملات الأخرى ذات التأثير على واقع الاقتصاد المصري.

خاتمـــــــــــــــــة

كل هذه الظروف اجتمعت لتحبط أصحاب المعاشات في جميع مناحي حياتهم ,, وجعلتهم يشعرون بأن دولتهم لا تقدر لهم ما بذلوه من جهد عمل على مدار عشرات السنين.. وما حققوه من انتصارات دفاعًا عن حرية هذا الوطن واستقلال ارادته, إن الوقت يمضى بسرعة, وعلى جميع المسئولين ان يعوا جيدًا أنهم يخالفون كل المبادئ الإنسانية والاجتماعية في تعاملهم مع أصحاب المعاشات, ولعلهم يدركون المغزى في مقولة ” مكسيم جوركي” الأديب الروسي الكبير بأنه يجب أن يعرف الذين يركبون فوق ظهورنا, ويصنعون العصابة في ذات الوقت على عيوننا أننا نرى كل شيء, نحن لسنا اغبياء وأيضا لسنا حيوانًا لا نطلب إلا مِعدة ممتلئة, نحن نريد أن نعيش حياة جديرة بكائنات بشرية.. ويبقي سؤالنا قائمًا بلا إجابة حتى الان, متى تنصت الحكومة ولو قليلا لمقهوري هذا العصر, أصحاب المعاشات الأموات وهم ما زلوا على قيد الحياة..!
أما عن أصحاب المعاشات فسيظل ايمانهم مطلق بأن قوتهم في وحدتهم تحت راية اتحادهم الشرعي ” الاتحاد العام لنقابات أصحاب المعاشات.

عن Eyon Elmagles

شاهد أيضاً

شوكولاتة المرجان الجزائرية: من الإشادة في فرنسا إلى الحظر وفقًا لمواد الاتفاقيات الأوروبية

شوكولاتة المرجان الجزائرية: من الإشادة في فرنسا إلى الحظر وفقًا لمواد الاتفاقيات الأوروبية

كتبت: زينب محمد أحمد أثارت “شوكولاتة المرجان” الجزائرية ضجة كبيرة في الأسواق الفرنسية وأوروبا عمومًا، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *