
كتبت / ميرفت مصطفى
تعدّ قصّة قابيل وهابيل أوّل قصّة قتلٍ حدثت في تاريخ البشريّة، وقد تحدّث القرآن الكريم عن هذه القصّة وذكر أدقّ تفاصيلها، ونذكر طبيعة القصّة والحكمة منها كما وردت في القرآن الكريم.
قال الله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ* لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَإِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ* فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ).
[١] زواج قابيل وهابيل
وضعت حوّاء زوجة سيّدنا آدم عليه السّلام توأمين هما: هابيل وأخته، وقابيل وأخته، وكان كلٌّ من قابيل وهابيل عاملين؛ وكان هابيل من رعاة الأغنام، وقابيل من زرّاع الأرض. تزوّج كلٌّ من قابيل وهابيل أخت الآخر،وهذا كان العرف الموجد وقتها وكان حفاظًا على النّوع الإنساني، كما كانت توأم قابيل أجمل من توأم هابيل
وعندما طلب آدم من أبنائه إتمام هذا الزّواج أبى قابيل ذلك؛ لأنّ نصيبه هو الفتاة ذات الجمال الأقل، فقد أراد أن يتزوّج من توأمه، ولم يرض بتلك القسمة
[٢] ولحلّ تلك القضيّة هدى الله تعالى آدم إلى مخرجٍ ما، وهو أن يقدّم كلٌّ من قابيل وهابيل قربانًا إلى الله، والّذي يُقبل قربانه سينال مراده، فقام هابيل بتقديم حمل من أحب أنعامه، أمّا قابيل فقد قدّم بعضًا من زرعه.[قبول قربان هابيل ومقتله
نزلت نارٌ فأكلت قربان هابيل وهذه علامة على قبول قربانه، وتركت لقابيل قربانه، علامة على عدم قبول قربانه؛ فغضب هابيل، وقال لأخيه: لأقتلنّك كي لا تنكح أختي، فقال هابيل: إنّما يتقبّل الله من المتّقين
. كان هابيل رجلًا موفور الجسم والعقل، وُهب الحكمة وآثر رضا الله تعالى، وطاعة والديه راضيًا بقسمة ربّه، وقد غلت نار الحسد والغيرة والحقد في قلب قابيل، فقام بقتل أخيه وهو نائم. وبهذا يكون هابيل أوّل من قُتل على سطح الأرض
[٤] دفن قابيل لجثة هابيل
لم يعرف قابيل كيف يواري جثّة أخيه، وقد قرّر أن يحمله في جراب على ظهره حائراً ومضطرباً لا يعلم ما يفعل، فقد بعث الله تعالى غرابين يقتتلان، فقتل أحد الغرابين نظيره. ثم قام الغراب بعمل حفرةٍ في التّراب بمنقاره ليواري فيها جثّة الغراب الآخر ويخفيها تحت التّراب، ومن هذا المشهد تعلّم قابيل متأثّراً ومستشعرًا بشيء من الحسرة والنّدم. وقام بعمل حفرة كما صنع الغراب للغراب الآخر، فحفر حفرةٍ لأخيه دافنًا جثّته تحت التّراب ليواريها من السباع وغيرها من الحيوانات