كتب: أحمد شعبان
منذ بداية حرب السابع من أكتوبر، تحول يحيى السنوار، قائد حركة المقاومة الإسلامية في غزة، إلى رمز للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. ورغم السعي الإسرائيلي الدائم للتخلص منه، بقي السنوار صامدًا يقود العمليات، متحديًا التضييقات والملاحقات المستمرة حتى استشهاده في معركة بطولية استثنائية.
من مطارد إلى رمز مقاومة
في خضم حرب السابع من أكتوبر، أطلقت إسرائيل سلسلة من الشائعات والأخبار المفبركة عن موقع تواجد السنوار لتحاول السيطرة على معنويات المقاومة. انتشرت صور وفيديوهات تشير إلى وجود السنوار تحت الأرض، بينما زعمت هذه الادعاءات وجوده بين الرهائن الإسرائيليين، ما يعكس ارتباك الاحتلال في التعامل مع المقاومة.
تكرر الحديث عن “مطاردته” واختبائه في أنفاق غزة، لكن الأيام أثبتت أن السنوار كان في الميدان يقود بنفسه العمليات، متحديًا جميع محاولات التضييق، ليصبح بذلك رمزًا للصمود. في المقابل، أكدت الحكومة الإسرائيلية مرارًا معرفتها بمكانه، مشيرة إلى أنه كان مختبئًا مع أسرى إسرائيليين، إلا أن هذه الادعاءات أثارت شكوكًا واسعة حيث لم يتم تقديم أي دليل ملموس يثبت صحتها.
فيديو “ما خفي أعظم” يكشف الحقيقة
في تطور جديد، بثت قناة الجزيرة عبر برنامجها “ما خفي أعظم” لقطات حصرية تُظهر يحيى السنوار وهو يقود العمليات العسكرية ميدانيًا قبل استشهاده. اللقطات كشفت السنوار وهو يتنقل بين المواقع الأمامية في حي تل السلطان برفح، رافعًا معنويات المقاتلين ومشاركًا في التخطيط والتنفيذ للعمليات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
ظهرت مشاهد توثيقية للسنوار برفقة قائد كتيبة تل السلطان، محمود حمدان، الذي استشهد معه في المعركة ذاتها، حيث كان الاثنان يتنقلان بين الكمائن وخطوط الجبهة. كما أظهرت المشاهد استهداف الآليات الإسرائيلية وإعطابها، مما يؤكد تواجده في الصفوف الأمامية كقائد شجاع يواجه الاحتلال بلا تردد.
الدعاية الإسرائيلية في مواجهة الصمود الفلسطيني
اعتمدت الدعاية الإسرائيلية على بث الشائعات حول السنوار، مدعيةً أنه “مخفي تحت الأرض” أو “مختبئ بين الأسرى”، في محاولة لإضعاف الروح المعنوية للمقاومة. لكن استشهاد السنوار في معركة تل السلطان أثبت أن هذه الادعاءات كانت مجرد أكاذيب.
الفيديو الذي عرضته قناة الجزيرة عزز صورة السنوار كقائد يقاتل بشجاعة إلى جانب مقاتليه، داحضًا مزاعم الاحتلال بشأن اختبائه. هذا الاستشهاد كشف أيضًا ضعف الأداء الاستخباراتي الإسرائيلي، الذي لم يتمكن من استهدافه قبل أن يقود معركة استثنائية ضد الاحتلال.
نشأة السنوار وبدايته في المقاومة
ولد يحيى السنوار في خان يونس، ونشأ وسط ظروف قاسية تحت الاحتلال، مما ساهم في تشكيل شخصيته كقائد مقاوم مناضل. التحق بحركة “حماس” منذ بداياتها في الثمانينيات، وكان من أوائل الذين أدركوا أهمية بناء حركة مقاومة قوية تمتلك رؤية استراتيجية، فكان له دور بارز في تأسيس جناحها العسكري. قاد السنوار عمليات المقاومة بشكل مباشر، وتنقل بين الميدان والسجون الإسرائيلية، حيث عانى من ظروف احتجاز صعبة لم تثنه عن النضال.
مشهد استشهاد كقائد في الميدان
استشهد السنوار في اشتباك مباشر مع قوات الاحتلال في حي تل السلطان برفح، بعدما قاد معركة بطولية استثنائية استمرت لأكثر من عام. لم يكن هذا الاشتباك مجرد مواجهة عسكرية بل كان تجسيدًا للروح النضالية للسنوار. واجه الموت بشجاعة ليصبح نموذجًا يُحتذى به في التضحية والفداء.
استشهاده حمل رسالة للعالم بأن المقاومة الفلسطينية لم تُهزم، وأن القادة الفلسطينيين يتواجدون في الصفوف الأمامية، يقاتلون ويضحون، في حين أن دعايات الاحتلال تهدف فقط إلى تضليل الرأي العام.
إرث السنوار ملهم للأجيال
رغم استشهاد يحيى السنوار، فإن إرثه سيظل حيًا في ذاكرة الفلسطينيين. فقد شكّل بمواقفه رمزًا للثبات والإصرار، وترك أثرًا عميقًا في قلوب الفلسطينيين. يُعتبر اليوم نموذجًا للقيادة التي لا تتراجع عن دورها، مما يجعل اسمه خالدًا في صفحات التاريخ الفلسطيني.
مسيرة يحيى السنوار تعكس صورة أحد أبطال النضال الفلسطيني، الذي واجه الاحتلال بعزم وإصرار، ورفض التراجع عن مساره النضالي. وبينما اعتمدت إسرائيل على الدعاية لتشويه صورته والترويج لقوتها، بقيت الحقائق تُبرز السنوار كقائد شجاع واجه الاحتلال حتى اللحظة الأخيرة.