
كتب: محمد عبدالعظيم
أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي طالب خلالها بمرور السفن الحربية والتجارية الأمريكية مجانًا عبر قناة السويس، موجة من الغضب والاستنكار الواسع بين المصريين، الذين عبروا عن رفضهم لما وصفوه بالتصريح “المستفز”. وتساءل رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن وضع الولايات المتحدة الأمريكية وقت افتتاح قناة السويس في 16 نوفمبر عام 1869، في إشارة إلى أن أمريكا لم يكن لها أي دور في إنشاء القناة، كما زعم ترامب بقوله: “لولا أمريكا ما كانت قناتي قناة السويس وبنما”.
ويعود تاريخ حفر قناة السويس إلى شهر أبريل عام 1859 خلال حكم محمد سعيد باشا، حيث استمر العمل لعشر سنوات حتى تم افتتاح القناة رسميًا في عهد الخديوي إسماعيل، بالتزامن مع انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية، التي كانت تمر بفترة من الفوضى والانقسامات الداخلية. وكانت الولايات المتحدة حينها منشغلة بحروب العصابات مع السكان الأصليين من الهنود الحمر، وهي صراعات استمرت لنحو 200 عام من تأسيس الولايات المتحدة عام 1776.
وفي تعليقه على تصريحات ترامب، وصف الربان السيد الشاذلي النجار، رئيس المنظومة البحرية ورئيس النقابة المهنية للضباط البحريين المصريين، حديث ترامب بأنه “تصريح استعماري مختل”، مشددًا على أنه “مطلب وقح وانتهاك للسيادة الدولية”. وأكد النجار أن هذا التصريح يعيد إلى الأذهان أسوأ صور الاستعمار الحديث، معتبرا أن الإصرار الأمريكي على استغلال الممر الملاحي المصري دون قيد أو شرط يعد اختراقًا صارخًا للأعراف والقوانين الدولية، وتدخلًا سافرًا في السيادة المصرية.
وأضاف النجار أن قناة السويس منذ افتتاحها ظلت رمزًا للسيادة المصرية، مشيرًا إلى أن المصريين حفروها بسواعدهم وتضحياتهم، حيث استشهد قرابة 120 ألف عامل مصري أثناء عمليات الحفر، وأن مصر وحدها تحملت تكاليف إنشائها وصيانتها وتطويرها، حتى أصبحت اليوم من أهم الممرات البحرية في العالم.
وانتقد النجار محاولات “تشويه التاريخ وتزييفه”، مؤكدًا أن أي مساس بحقوق مصر الحصرية في إدارة قناة السويس يمثل تعديًا واضحًا على السيادة الوطنية وانتهاكًا صريحًا للقانون الدولي. وأشار إلى أن محاولات الولايات المتحدة لفرض شروطها بشأن المرور عبر القناة تمثل خرقًا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي، الذي يوجب احترام حق الدول في السيادة على أراضيها ومرافقها الحيوية.
وشدد النجار على أن قناة السويس ليست ممرًا مجانيًا لأي دولة، وإنما تخضع لرسوم مرور وقواعد تحددها هيئة قناة السويس وفقًا للقوانين المصرية والاتفاقيات الدولية. واختتم رسالته بتأكيد أن السيادة الوطنية لا تقبل المساس أو التفاوض، مطالبًا المجتمع الدولي بإدانة هذه التصريحات والممارسات، ومشددا على أن الدفاع عن قناة السويس هو موقف شعبي ورسمي موحد.