
كتب: أحمد زكي
مازالت الكلمة حائرة بين مفهومٍ لم يُقصد، ومقصودٍ لم يُفهم، فاجعل كلمتك بسيطة حتى يُفهم مقصدها…
المصلحة (٤)
صعد الموظف لاستلام المكافأة من مديره بعد نجاحي في الحصول على الملف من داخل السرداب، في مهمة كانت شاقة وعنيفة… بالنسبة لي…
وتأخّر الموظف كثيرًا، وقد كنت مرهقًا ومتعبًا، فاستندت إلى كرسي متهالك بثلاثة أرجل فقط، أما الرجل الرابعة فكانت تستند إلى صفوف من الطوب المكسَّر، حتى ذهبت في نومٍ عميق…
استيقظت مفزوعًا على صوت يشبه صوت زوجتي حينما تبدأ يومها، معترضة على تصرفاتنا جميعًا، متهمةً إيانا بإحداث الفوضى والإهمال الذي يتسبب في إرهاقها… وكانت تصرخ قائلة:
– هو كل مرة كده؟! مش قلت مية مرة اللي يحط حاجة في الغسالة يفتشها الأول قبل ما يرميها؟!
ثم توجه كلامها إليَّ: أقلقتنا… ووتّرتنا… وما نمناش بسببك… عشان الورق اللي ضاع منك… الورق بتاعك كله أهو في جيب البنطلون… لقيته قبل ما أشغل الغسالة… قوم اصحى! وصرخت بأعلى صوتها.
لم أدرك نفسي… هل هو حلم أم حقيقة؟! أين أنا؟! وفتحت عينيَّ في ذهول، لأجد نفسي على سريري وفي بيتي… وهذه زوجتي…
بين الفرح والخوف ناديت عليها:
– هو أنا في البيت؟! هو إنتِ وجدتِ الورق؟!
سجدتُ على الأرض شاكرًا… ودار في رأسي وأنا ساجد شريط سريع من الأحداث التي دارت في المصلحة: عم (على الله)، ومدام (إعتماد)، والرجل العجوز، والرجل الذي توفي، ونزول السلم على الترابزين، والسرداب، والموظف، والمكافأة…
وإذا بالصوت العالي يصرخ في البيت:
– اتفضل، ورقك أهو… وابْقَ خد بالك… وما تكررش تاني!
وكانت تمسك في يدها كل أدوات التنظيف في المنزل: المقشّة، والمسّاحة المعلَّق بها جردل، والزعّافة، وقطعة قماش قديمة وكبيرة… وترتدي جلابية قديمة… وفي قدمها شبشب بلاستيك كبير… وتربط شعرها بمنديل أسود… وتستعد لتنظيف المنزل…
لزمتُ الصمت، بين الفرح بأني وجدت الأوراق، وأنني غير مضطر للذهاب إلى المصلحة ومواجهة ويلاتِها… وبين الخوف من… زوجتي…
ارتديت ملابسي سريعًا للذهاب إلى العمل، مهرولًا… وفي هذه اللحظة… تذكرت سريعًا أن… زوجتي اسمها… (إعتماد)…
طبعًا كل ما ذُكر في قصة المصلحة من وحي خيال الكاتب، وليس له علاقة بالواقع… طبعًا فاهمين… عشان ما تزعلش… وأكمل كتاباتي لأحبائي وقرّائي…
… ألقاكم على الخير…
انتظروا الخميس القادم… مغامرة جديدة… والدخول في موسوعة جينيس لأفضل مجسَّم من الطبيعة في العالم…
رمشة:
دائمًا أعجب بها…
أتعجب كثيرًا لحالي حين أسمع اسمها،
أتعجب كثيرًا لحالي حين أرى فرحها،
أتعجب كثيرًا لحالي حين أمسح دمعها،
أتعجب كثيرًا لحالي حين أنطق اسمها،
أتعجب كثيرًا لحالي حين أمسي في ليلها،
أتعجب كثيرًا لحالي حين أشرب من نيلها،
أتعجب كثيرًا لحالي حين أنام على صورها،
أتعجب كثيرًا لحالي حين أحكي عن تاريخها،
أتعجب كثيرًا لحالي حين أشعر بشموخها،
أتعجب كثيرًا لحالي حين ألمس أرضها،
أتعجب كثيرًا لحالي حين أشم نسيمها…
إنها مصر حبيبتي.