
يونس عاشور – YOUNES ASHOUR
في زمن أصبحت فيه التكنولوجيا المحرّك الأساسي للحياة اليومية، تحوّل مؤتمر Web Summit إلى منصة عالمية لا يلتقي فيها فقط خبراء البرمجة أو شركات التقنية الناشئة، بل يتجمّع فيها صُنّاع القرار، المستثمرون، الإعلاميون، وحتى السياسيون. هو حدث يُطلق عليه أحيانًا “دافوس قطاع التكنولوجيا”، لأنه ببساطة أكبر من مجرد مؤتمر عادي، بل أشبه بملتقى عالمي يضع المستقبل على طاولة النقاش.
تأسس Web Summit في العاصمة الإيرلندية دبلن عام 2009 كمؤتمر صغير استقطب آنذاك بضع مئات من المطوّرين وروّاد الأعمال المحليين. لكن بفضل رؤية المؤسسين، وعلى رأسهم Paddy Cosgrave، بدأ الحدث يتوسع عامًا بعد عام حتى لم تعد دبلن قادرة على استيعابه.
وفي عام 2016 اتخذت إدارة المؤتمر قرارًا تاريخيًا بنقله إلى العاصمة البرتغالية لشبونة، حيث توفرت البنية التحتية الأفضل، والفنادق، ومراكز المؤتمرات الحديثة، إضافة إلى الدعم الحكومي الواسع. منذ ذلك الحين، أصبحت لشبونة عاصمة غير رسمية للتكنولوجيا العالمية كل شهر نوفمبر.
منذ انتقاله إلى البرتغال، شهد المؤتمر قفزات نوعية:
- يشارك سنويًا أكثر من 70,000 زائر من مختلف دول العالم.
- أكثر من 2,500 شركة ناشئة تعرض أفكارها.
- مئات المستثمرين وصناديق رأس المال المغامر.
- آلاف الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الدولية.
- مشاركات من حكومات، منظمات دولية، وشخصيات عامة.
هذه الأرقام تجعل من Web Summit واحدًا من أكبر المؤتمرات التقنية عالميًا، بل وأحد أهم المحركات السياحية والاقتصادية للبرتغال.

ما يميز المؤتمر أنه ليس مجرد كلمات رئيسية يلقيها كبار التنفيذيين، بل هو عالم متكامل:
- Main Stage: حيث تصعد أسماء بحجم مؤسسي Google وMicrosoft وحتى قادة سياسيين عالميين.
- PITCH Competition: مسابقة شهيرة للشركات الناشئة حيث تتنافس على تقديم أفكارها أمام لجنة تحكيم من المستثمرين.
- Workshops & Masterclasses: ورش عمل متخصصة في الذكاء الاصطناعي، البلوك تشين، التسويق الرقمي، الأمن السيبراني، والمزيد.
- Night Summit: فعاليات مسائية تجمع بين الترفيه والتواصل غير الرسمي بين الحاضرين.
من بين المتحدثين الذين مروا عبر منصة Web Summit خلال السنوات الماضية:
- إيلون ماسك (Tesla & SpaceX)
- مارجريت فيستاجر (المفوضية الأوروبية)
- بونو (U2، الناشط في قضايا التنمية)
- إيفان شبيغل (Snapchat)
- سيرينا ويليامز (بطلة التنس والمستثمرة)
هذا التنوع يعكس كيف أن المؤتمر لم يعد يقتصر على التكنولوجيا الصرفة، بل أصبح مساحة للحوار حول قضايا الاقتصاد، الإعلام، البيئة، وحتى الرياضة والثقافة.
تُقدّر الحكومة البرتغالية أن Web Summit يجلب للبلاد عشرات الملايين من اليوروهات سنويًا عبر السياحة والفنادق والمطاعم، فضلًا عن تسليط الضوء العالمي على لشبونة كوجهة للاستثمار التكنولوجي. بالفعل، ساهم المؤتمر في جعل البرتغال بيئة جاذبة للشركات الناشئة الأوروبية.
من المقرر أن تُعقد النسخة القادمة من Web Summit في 10–13 نوفمبر 2025 بمركز MEO Arena في لشبونة. التوقعات تشير إلى:
- تركيز أكبر على الذكاء الاصطناعي التوليدي وتأثيره على الإعلام والأعمال.
- حضور قوي لشركات التكنولوجيا الخضراء والاستدامة.
- توسع في مشاركة إفريقيا والشرق الأوسط كمنطقة صاعدة في قطاع التكنولوجيا.
بالنسبة لرواد الأعمال والمستثمرين العرب، يمثل Web Summit فرصة استثنائية:
- بناء شبكات علاقات مع مستثمرين عالميين.
- عرض ابتكارات من المنطقة على منصة عالمية.
- استكشاف أحدث الاتجاهات في التكنولوجيا التي ستؤثر على أسواقنا خلال السنوات المقبلة.
Web Summit ليس مجرد مؤتمر يُعقد كل عام في لشبونة، بل هو مختبر عالمي للمستقبل. من خلاله تتلاقى الأفكار، تُعقد الشراكات، وتُبنى قصص نجاح جديدة. وبينما ينتظر العالم النسخة المقبلة في نوفمبر 2025، يبقى السؤال مفتوحًا: ما الابتكار القادم الذي سيولد من بين أروقة هذا الحدث ويعيد تشكيل حياتنا؟