
كتبت/ تغريد نظيف
أثارت واقعة صعود أحد الطلاب من صغار السن إلى منبر أحد المساجد، وتطاوله على مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حالة من الاستهجان والرفض الشعبي والديني، خاصة بعد تجاوزه حدود الأدب مع رموز الإسلام وفتاوى المؤسسات الرسمية، وهو ما اعتبره كثيرون “عبثًا دينيًا” لا يجوز التساهل معه.
ورغم صدمة البعض من تصرف الطالب – خاصة لصغر سنه – إلا أن وزارة الأوقاف تعاملت مع الموقف بحكمة، مؤكدة قبولها للاعتذار الذي تقدم به، في ضوء إدراكها لعدم نضجه الكامل ومع مراعاة البعد التربوي والاجتماعي للواقعة.
لكن الواقعة أعادت طرح السؤال الجوهري: من يحق لة اعتلاء المنبروالتصدى للفتوى ؟، خاصة في ظل تعدد منصات التواصل التي سمحت للبعض بتقديم آراء دينية دون تأهيل، وهو ما يعكس أهمية قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية الذي أقره مجلس النواب وصدّق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي.
القانون يُحدد من يحق له الإفتاء
يُحدد القانون، الصادر برقم (?? لسنة 2024)، الجهات المختصة وحدها بإصدار الفتاوى العامة، وهي: هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، دار الإفتاء المصرية، مجمع البحوث الإسلامية، وإدارة الفتوى بوزارة الأوقاف، مؤكدًا عدم جواز تجاوز هذه الجهات أو الانفراد بالفتوى من غير المؤهلين.
عقوبات صارمة للمخالفين
نصت المادة (8) من القانون على أنه:”يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من يخالف أحكام المادتين (3) و(7) من القانون”.
وفي حال التكرار، تُضاعف العقوبة، مع تحميل المسؤول عن الإدارة الفعلية (في حالة الشخص الاعتباري) ذات المسؤولية الجنائية إذا ثبت علمه بالجريمة.
استجاب لمطالب الأزهر وأقر القانون نهائيًا
وكان مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، قد وافق نهائيًا على مشروع القانون في مايو الماضي، بعد تضمينه تعديلات قدمها الأزهر الشريف، عبر الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر.
وبذلك، أصبح القانون مكوَّنًا من 13 مادة بدلاً من 10، ويمثل نقلة نوعية في ضبط الخطاب الديني وتنظيم الفتوى بعيدًا عن الفوضى والاجتهادات غير المنضبطة.
حماية الوعي الديني ومنع الفوضى على المنابر
تهدف مواد القانون إلى تنظيم شؤون الفتوى الشرعية العامة والخاصة، مع الحفاظ على الإرشاد الديني والاجتهاد الفقهي في مجالات الدراسات والبحث العلمي، دون تحويل المنابر إلى منصات عشوائية للفتاوى المتطرفة أو الجاهلة.
وتُعد واقعة الطالب الصغير، رغم احتوائها بشكل تربوي، جرس إنذار بشأن أهمية نشر الوعي بأحكام القانون، وضرورة احترام قدسية المنابر، وتجريم من يعتليها دون علم أو تكليف رسمي.