عيون المجلس سياسية ،اقتصادية ،اجتماعية ،ليبرالية شاملة
حسام المشاقى
مع إشراقة الصباح وإطلالة يوم جديد مفعم بالحيوية والنشاط يذهب كلاً منا إلى عمله أو إلى دراسته أو إلى قضاء مصلحته الشخصية وبداخل كلاً منا ترتيبه الخاص على مدار اليوم ، تجد من يعترض حبل أفكارك ويقتحم حياتك بصوت أجش ليعيرك الإنتباه دون إستئذان وهذا المشهد لن يكون مره واحده بل عده مرات على مدار اليوم الواحد ، ولم ينتهي الأمر إلى هذا الحد بل تجد من يقتحم عليك راحتك داخل بيتك بنفس الطريقة ولا مانع من إستخدام مكبرات الصوت بإستئجار عربه أو توك توك فهذه من المستحدثات . لا يغنون ولا ينشدون إنهم يتسولون .. هل تصدق ذلك ؟
فالأمر أصبح مهنه تأتى بحصيله لابأس بها وكلما كنت تمتلك القدره على الإقناع أو سرد القصص بطريقة تلعب بها على دغدغة مشاعر الناس كلما زادت حصيلتك بل تصل بك فى كثير من الأحيان إلى تحقيق الثراء السريع فى فترة وجيزه وبإقل جهد ، وكلمه السر لكل هذا هو اللعب على عواطف الناس فنحن بطبعنا شعب عاطفى سريع التأثر والتفاعل مع أى حدث خاصة عندما يكون هذا الحدث درامى حزين .
وفى ظل التطورات الحديثة كان لزاماً على هؤلاء التأقلم والتحور والتلون بأشكال عدة والإنفتاح على هذا التطور بتحديث الشكل والمضمون والمعنى، فلم تعد الطريقة القديمة التى نرى فيها المتسول معصوب العينين أو من يتعكز على عكاز أو حتى من كان يقوم بعمل عاهة مفتعلة أو حتى حقيقية فى أماكن معينة من جسده حتى يكون الأمر مقنع بشكل محبوك .
وعلى سبيل المثال لا الحصر تركب مع سائق تاكسي يأتى له تليفون من زوجته أبنه فى المستشفى ومطلوب مبلغ معين من المال وإلا سوف يموت ولده ويقول ماذا أفعل ؟! إبنى .. إبنى .. مع دمعتين الشئ لزوم الشئ فما يكون منك إلا أن تتفاعل معه وتعطيه إللى فيه النصيب على قدر مكانتك الإقتصاديه وبالطبع هذا المشهد متكرر على مدار اليوم أكثر من مره خاصة مع السيدات .
مشهد أخر رجل أنيق منمق ذو هيبة ويلبس البدلة الشيك والكرافت الأنيق والبرفيوم تسطيع أن تشمه قبل أن ينطق حرفاً فالرائحة وصلت إليك قبل أن يصل هو وبإبتسامة لطيفة أول كلمه يقولها أنا رجل غنى وأمتلك سياره تقف معى لكن لأسف البنزين أوشك على النفاذ وأنا من بلد بعيد وأريد منك أن تساعدنى لأقوم بشراء الوقود وبالفعل ينجح فى روايته المحبوكة لإخذ مالك.
وفى نفس ذات السايق مشهد عابر السبيل الذى يريد أن يأخذ المال ولكن يطلبه بشكل مصغر جدا فى القيمة حتى يضطرك إلى إخراج المال فهو طلب مبلغ صغير وأنت تقول بداخلك لامانع مش هيضر ، وهذه أخرى تمتلك منزل كبير على حسب روايتها ولكن تريد أن تجهز إبنتها لتعفها بالزواج فهل من مساعدة سواء عينيه أو نقدية . وهذا اخر يمتلك تجارة ومشروع كبير ولكن فجأة دار به الزمان وأصبح مديون ولكنه حاول وقام ببيع عفش منزله ويقول نجحت في سداد جميع الديون فهذه للحبكة الدرامية وتقول بداخلك فى نفس ذات اللحظه أومال هو عايز إيه وقبل أن تخلص من ذكر العباره تجده يقول لك أريد أن أبدء مشروعى القديم ولو بشكل مصغر .
وهذه أخرى تقوم بإستخدام مكبرات الصوت لتجوب الشوارع والميادين للفت سمعك قبل بصرك أنا فلانة بنت فلان من عيلة فلان وكل الناس عرفانى وطبعاً محدش أصلا يعرفها وتقوم بإختراع القصص وما أكثرها على حسب المنطقة ونوع الزبون القاطن بالمكان فكلاً له روايته .
المهم هو اللعب بالمشاعر والعواطف ومدى قدرتك على الإقناع حقاً إنه مهرجان التسول ، كرنفال وتشكيلة غريبة عجيبة وقدرات غير طبيعية على إختلاق القصص بشكل يدعو إلى السخرية والملل والرتابة .. إحذروا جميعاً من ألاعيب هؤلاء النصابين ولا تتعاطفوا معهم حتى يتم تضيق الخناق عليهم وحتى لا تكون أداة فى مساعدتهم على النصب والإحتيال .
