عيون المجلس سياسية ،اقتصادية ،اجتماعية ،ليبرالية شاملة
كتب: محمد ابو عمرو – Mohamed Abouomar
في يونيو الماضي، أعلنت وزارة السياحة النيبالية عن خطط لنقل معسكر قاعدة إيفرست إلى أسفل الجبل الشهير بسبب الاحتباس الحراري والنشاط البشري الذي جعله غير آمن.
المعسكر المذكور يقع على نهر خومبو الجليدي الذي يتلاشى بسرعة، مما يشكل مخاطر على المتسلقين الذين يمرون به كل عام.
وصرح أحد قادة مجتمع شيربا لبي بي سي بأن هذه الخطوة غير عملية وأنه لا يوجد موقع بديل يمكن تطبيق الفكرة عليه.
بما أنها تُعتبر العمود الفقري لصناعة تسلق الجبال، فإن آراء شيربا تكتسب أهمية كبيرة. تم رفض هذه الخطوة على نطاق واسع، حيث رفض أكثر من 95٪ من المشاركين الفكرة في استطلاع حديث قدمته وزارة السياحة وجمعية تسلق الجبال في نيبال.
قال مينجما شيربا، رئيس بلدية خومبو باسانجلهامو، والتي تعتبر بلدية ريفية تغطي معظم منطقة إيفرست، بما في ذلك المخيم الأساسي: “لم أجد حتى شخصًا واحدًا في مجتمعنا يدعم فكرة نقل معسكر قاعدة إيفرست”.
وأضاف “لا نرى سببا لنقل معسكر القاعدة في المستقبل القريب”.
وقال آنج نوربو شيربا، رئيس جمعية مرشدي الجبال الوطنية النيبالية، لبي بي سي: “لقد كانت موجودة منذ 70 عامًا، فلماذا يجب نقلها الآن؟ وحتى لو أرادوا ذلك، فأين الدراسة حول بديل قابل للتطبيق؟”
وقال وزير السياحة النيبالي المُعَيَّن مؤخرًا، سودان كيراتي، إن هذه القضية “ليست ملحة”.
وأشار إلى أنه “لم أر أي اهتمام أو قلق من أي جهة بشأن مسألة نقل المعسكر الأساسي”.
عندما تحدث المسؤولون الحكوميون العام الماضي عن الخطة، قالوا إن المعسكر الجديد سيكون 200 إلى 400 متر أقل من المعسكر الحالي، الذي يقع على ارتفاع 5364 مترًا.
الفكرة كانت نقل الموقع إلى منطقة خالية من الأنهار الجليدية لتفادي المخاطر المتزايدة المرتبطة بتغير المناخ وتسارع ذوبان الجليد.
ووجد العلماء أن نهر كاهومبو الجليدي يذوب بسرعة، على غرار الأنهار الأخرى في جبال الهملايا، نتيجة احترار المناخ.
دراسة أجراها باحثون من جامعة ليدز عام 2018 أظهرت أن سُمك الجليد قرب المعسكر الأساسي ينحف بمعدل مليون متر مكعب سنويًا.
ورصدت الدراسات الميدانية تزايد حجم البرك والبحيرات فوق أعلى نهر جليدي في العالم، مما يزيد التحديات التي يواجهها متسلقو الجبال.
قال البروفيسور برين هوبارد من جامعة أبيرستويث، الذي أشرف على مشروع لثلاث سنوات لدراسة حالة الجليد في الجبال.
وأكد متسلقو الجبال والمسؤولون أن الشقوق في المعسكر تتسع بشكل خطير وسريع للغايه
وأضاف أنه لا يوجد وضوح بشأن المكان الذي سيتم نقل المعسكر الأساسي إليه مما جعل صعوبة سماع أي أصوات داعمة.
أثار عامل منحدر خومبو الجليدي جدلاً بين المتسلقين حيث يرون أن الموقع الحالي للمخيم الأساسي هو الأفضل لبدء التسلق في الصباح الباكر بجوار منحدر خومبو الجليدي، وهو من بين أصعب التضاريس للتسلق.
وفقاً للمتسلقين، ينهار المنحدر الجليدي بسرعة على طريق ساوث كول نحو قمة إفرست مما يؤدي إلى تشكل شقوق كبيرة دون تحذير مسبق، وذلك بالإضافة لتكون أبراج ضخمة من الجليد المعروفة باسم “سيراكس” وتعرضها بانتظام لانهيارات جليدية وصخورية من المنحدرات المطلة على الجانبين.
وأكد المتسلقون من الشيربا أن عبور منحدر خومبو الجليدي في الصباح يعتبر الأكثر أماناً نظراً لتفادي مخاطر زيادة الانهيارات الجليدية وانهيارات الصخور وانهيار السيراك التي تزداد خطورة مع ارتفاع حرارة الشمس في وقت لاحق من النهار.
قال السيد مينجما: “إذا نقلنا المخيم إلى ارتفاعات منخفضة، فإن ذلك يعني ما يقرب من ثلاث ساعات من المشي الإضافي للمتسلقين وسيؤخر ذلك رحلتهم إلى منحدر خومبو الجليدي الخطير”.
لقي ثلاثة متسلقين من شعب الشيربا مصرعهم في منحدر خومبو الجليدي في 12 أبريل عندما أصيبوا بانهيار جليدي أثناء نقلهم معدات التسلق لعملائهم.
قال السيد مينجما إنه حتى إذا تم نقل المعسكر الأساسي إلى موقع أخفض، فإن معظم فرق الرحلات الاستكشافية سينتهي بهم الأمر باستخدام الموقع السابق كمعسكر متقدم لبدء تسلقهم في الصباح الباكر عبر منحدر خومبو الجليدي.
يقول لوكاس فرتنباتش، وهو مشغل رحلات استكشافية دولية من النمسا يجلب عملاءه إلى إيفرست كل عام تقريبا، إن نقل معسكر القاعدة سيجعل المرحلة الأولى من التسلق طويلة جدًا.
وأضاف: “ستقيم الفرق معسكرا وسيطا في موقع معسكر القاعدة الحالي”.
معسكر قاعدة الجبل مزدحم
لكن جميع العاملين في صناعة تسلق الجبال تقريبا يوافقون على أن المعسكر الأساسي أصبح مزدحما للغاية.
أصدرت نيبال هذا الموسم 478 تصريحًا لتسلق جبل إيفرست، مسجلة بذلك رقمًا قياسيًا. مما يشير إلى وجود أكثر من 1500 فرد على الجبل، بما في ذلك أفراد الدعم.
كان عدد التصاريح السابق قد بلغ 403 في عام 2021، وفقاً لما أفاد به مسؤولو إدارة السياحة. تتقاضى الحكومة مبلغ 11,000 دولار لكل متسلق لجبل إيفرست، حيث تُعتبر هذه البعثات مصدر دخل رئيسي لمجتمع الشيربا وغيرهم ممن يعتمدون على السياحة الجبلية.
وقد صرح دامبار باراجولي، رئيس رابطة مشغلي الرحلات الاستكشافية في نيبال: “تضاعف حجم معسكر القاعدة على مر السنين بشكل كبير.”
وأضاف أن النمو غير المنظم للمخيم يمثل تهديدًا للبيئة الهشة بالفعل. “نرى ظهور خدمات فاخرة مثل صالات التدليك أو مرافق الترفيه الأخرى التي تستلزم إنشاء خيام وهياكل ضخمة.”
وشدد قائلاً: “هذا ليس المكان المناسب للاستمتاع بالرفاهية، وقد اقترحنا بشدة على الحكومة وضع إرشادات صارمة تحدد ما هو مسموح وما هو غير مسموح به في معسكر القاعدة.”
من جهته، أعرب الوزير كيراتي عن وعيه بهذه القضايا قائلاً: “لقد أصبح المعسكر الأساسي يبدو كأنه سوق سياحي مشابه لما نجده هنا في كاتماندو. وهذا أمر غير مقبول – سنقوم بزيارة الموقع قريبًا لإجراء التفتيش اللازم وسنتخذ الإجراءات اللازمة لوقف هذا الوضع. هذه هي أولويتنا الآن.”
