بقلم: نجمة عمر علي
كانت زهرة بيضاء اللون يانعة قد نمت من بين الصخور. كانت ترويها قطرات الندى ورذاذ ماء العين المتسلل بين الصخور القاسية…
كانت تنمو في حضن الجبل، خلقها ربي آية من الجمال.
وتتالت الأيام وتعاقبت الفصول، والزهرة شامخة لا تطالها يد بشري. كانت وطنًا للنحل وللفراشات، وكان القمر أنيسها والفجر صلاتها والشمس صديقتها والنجم جليسها.
وصارت الزهرة رمزًا لتلك التلة الجبلية، وانتشر الخبر بين بني الإنس، فصار اسمها الزهرة الجبلية.
صار الشعراء ينظمون أجمل القوافي لجمالها ونصاعة بياضها، فكانت تخجل وتتورد البتلات. وتوالت الكلمات، وأصبح اللون يتغير تدريجيًا من زهري جميل إلى أحمر قانٍ.
وصادف يومًا، مر فارس بالمكان، ترجل عن جواده واقترب من الزهرة الجبلية، لم يسمعها شعرًا ولم يهديها قطرات ماء، فقط التزم الصمت محدقًا.
نثر ابتسامة وتمتم بكلام غير مسموع، ثم هوى واقتلعها وركب جواده وأسرع نحو القصر، ووضعها في أصيص ذهبي مزخرف أخفاها عن خيوط الشمس وعن ضوء القمر.
وذات ليلة مقمرة، سمع الأمير صوت بكاء خافت. جال ببصره باحثًا فهاله ما رأى… كانت الزهرة الجبلية على شرفة الجناح تذرف دمعًا… لكنها لم تكن زهرة ذات بتلات، كانت على هيئة البشر….