ننشر إليكم الجزء الثاني من قصة الكاتبة نجمة عمر علي الزهرة الجبلية، قراءة ممتعة:
اقترب الأمير من المخلوق الغريب وحاول لمسه بحذر، وسأل بصوت متردد:
- أنتِ جنية أم إنسية؟ كيف دخلتِ إلى هنا وكل الأبواب مغلقة والحراس في كل مكان؟!
التصقت الباكية بالجدار في خوف، وقالت:
- لا تخف، أنا إنسية… أنا الزهرة الجبلية… لا تخف… أنتَ تُخيفني!
تأمله الأمير بدهشة وقال:
- أنتِ الزهرة؟! ولكنكِ بشر، تتكلمين و… هيا، كفاكِ كذبًا وأخبريني من أنتِ… أنتِ جاسوسة، أو ربما من مملكة “الساحرات”… يا حراس! يا حراس!
قاطعت الفتاة نداءه وهي ترتجف:
- أنا أميرة الصحراء… الأميرة المفقودة منذ سنوات، من مملكة “غبار النجوم”. أنا الفينوس… أنتَ تُخيفني… لا داعي لتنادي العمالقة، شكلهم فعلاً مخيف.
ساد الصمت المكان، وانسدلت خيوط القمر على خديها، مما زاد الأمير ذهولاً أمام جمالها الأخاذ. قال متعجبًا:
- سبحان من صوركِ! سمعتُ كثيرًا عن الأميرة الضائعة، وظننتُ أنها مجرد أسطورة، لكنكِ فعلاً أنتِ… أنتِ الأميرة!
ردت عليه بتوسل:
- سيبقى هذا سرنا… هيا، عدني بذلك.
أجاب الأمير مطمئنًا:
- نعم، لا تقلقي. هذا سرنا، وهذا سيكون عهدنا. لا تخافي. هيا، أكملي وقصي عليّ كل الحكاية.
بدأت الأميرة بالكلام:
- ذات يو…
لكن فجأة، سكتت الأميرة وعادت زهرة. بزغت خيوط الفجر ولامست خصلات شعرها، فتحولت إلى زهرة ببتلات ندية ورقراقة.
تسمر الأمير في مكانه مذهولاً وهو يردد في نفسه:
- أظن أنني في حلم.
أسرع نحو الأصيص، لكنه لم يجد سوى الزهرة. عندها، أيقن أن ما حدث لم يكن حلمًا. حمل الزهرة بلطف وأعادها إلى الأصيص. جلس أمامها يحدق بحيرة، ينتظر أن تتحول من جديد إلى إنسية.
كان الخوف ينهش روحه.
كان كمن يسافر من عالم البشر إلى عالم لا يفهمه ولا يصدق بوجوده… كان وقتًا مستقطعًا من الواقع إلى عالم الخيال.