عيون المجلس سياسية ،اقتصادية ،اجتماعية ،ليبرالية شاملة
نقدم لكم سلسلة روائية جديدة بقلم الكاتبة نجمة عمر علي وهذه المرة بعنوان جذور الوجع والآن أترككم لتسمتعوا بالجزء الرابع من القصة
ورحلت هبة…
عاشقة متيمة…
لحب القدس مدرسة،
نامت مستبشرة،
غنّت وكتبت بضحكة مرمّمة،
سخطت صمت العرب مكبرة،
ورحلت هبة…
قالت: “تعرفين، نجمة، كم تمنيت السفر للبحر،
كم تمنيت أن أفعل مثل النساء كل شيء بفرح…
أن أجلس أمام مساحيق فاخرة متعطرة مزدانة،
أن لا أخاف صوت الزنانة،
أن أمشط جدائل الفرح، أن أزفّ عروسًا بلا خوف،
أن أرى فلسطين محررة وغزة ممطرة فرحًا وحبًا وسلامًا…”
ثم قالت مستاءة: “لن أسامح العرب، أنا لهم أمام ربي لمجادلة،
نحن يا نجمة هنا لا نعبث، لا نحلم بأكثر من رؤية الشمس،
نحن في فلسطين شهداء في أرحام الصابرات.”
ودّعت هبة على أمل لقاء، وفجأة رن الهاتف، انقبض قلبي، خبرني صديقي: “نجمة، ماتت هبة.”
قلت: “متى؟!”
قال: “الليلة.”
أسرعت لحسابها أبحث في طيات الذاكرة، وجدتُها ماتت غير مسامحة.
يا ربي!!! ستجادلنا هبة عندك يوم يلتقي الخصوم، وهي قالت عن العرب خصوم لأنهم صامتون.
حبست أنفاسي وخففت حمولة قلبي لرفيق القلم، ونظرت بغتة، فإذا هو طيفها الطاهر رفرف مبتسمة، عروس متعطرة، وسمعت همسًا:
“هنا في الجنة لا قصف ولا ذبح ولا وأد ولا دمع ولا مستشفى ولا جند ولا زنزانة ولا شنق ولا صمت عرب ولو خذلان.
هناك في غزة استوى القبر والجسد وتُدفن الأشلاء في نفس مكان الحرق. حُرمنا يا عرب من الكفن والقبر والولد والعيد والزفة.
سوف تأتون يا عِرّة العرب لربي، وسوف أجادلكم وآخذ حقي.”
هكذا دونت هبة قبل قصف بيتها…
ماذا نحن قائلون؟!
جذور الوجع تتوجّع وتمتد…
ربي، لا تجعلني من المجادلين والمجادِلين، بكسر الدال في الأولى وفتحها في الثانية.
ربي، أنا بريئة من صنف أشباه البشر، اسمهم العرب…
ومرّت سنة على موت هبة…
ونفس الركام، ونفس الحطام على حاله. فقط تحققت أمنيتها ونُصبت الخيام على حافة البحر.
ليت هبة ظلّت تنعم بالحياة لترى البحر حتى ولو من تحت خيمة…
بإمكانك قراءة كل ما نشر للكاتبة نجمة عمر علي خلال زيارة الرابط
