بقلم: نجمة عمر علي
هل هو سؤال أم سطر للتعجّب؟ كلّ سيقرأ حسب ما مرّ به في عام مضى… ولكن هل قولي للفظ “عام” صحيح؟ أم الأجدر أن أقول “سنة”؟
هذيان واختراق لحدود التعقّل… كان يبحث عن مفهوم الروح والتزهّد في الحب، طرده الشيخ ليحبّ ثم يعود… في التخلّي كان التجلّي، في الألم كان الوصول إلى الحقيقة.
عاد عاشقًا… نحيلًا، وغادر متزهّدًا… ثقيلًا. كان في بركتي الرماد تحت عينيه الجواب. كان العشق… كان روح الروح… كان ثورة الروح الأخيرة…
كان حبيبي…
كان الشادي… كان الوطن… كان الطير الحر… وكنتُ الأسيرة…
من أنا؟ كم تغيّرت! لا أجدني…
تعالَ… أقسم لي… اجعل عناقي الجافّ نذرك… تعالَ… نتقاسم الأريكة وكتابة القصيدة… نتقاسم الوسادة والدمعة الثقيلة… نتقاسم الحبّ والضحكة العقيمة… نتقاسم الوجع ونسكن نفس الوطن…
أعدني لي… مللتُ الهروب… تلتصق “الآه” بثوب أبيض… يتّسع اللحد لي ولقصّة يعيشها شعبي… أعدني لي… مللتُ اقتسام الوعود…
بين عينيك قبلة البقاء… أسطورة الوداع تلك القُبَل المتناثرة هنا وهناك… فوق الجبين… بين العينين…
الفارق في التوقيت أغرق الحبر في اللغة المرقونة…
هل تغيّرت قواعد اللغة بين حضوري وغيابي؟ هل يستوي شعوري وشعور الشمس؟ هل أنطفئ وبين كفيك أنا كالشمعة أشتعل؟ هل أحترق شوقًا وأنا كالفراشة من ضوئك أقترب؟
هل تتعجّب من كل تغيّرك؟ هل ترتاد نفس زوايا المكان؟
هل ما زلت أنا هناك وأنت الوطن واللجام والحبكة والقصة؟ هل تختصر بالصمت كل الأجوبة التي تعجز أمامها، ويتشتّت تفكيرك ويتلبّد شعورك وتنهار قوّتك وتنهزم في ذهول؟ كرؤية تلك الخيام المشدودة للحبال المتينة… مثلًا… كتلك النظارات المرتجفة بردًا… مثلًا… كتلك الشاة في أعلى الجبل تثغو من وجع المخاض… كتلك الراية المتجذّرة… مثلًا… كأنت… مثلًا… كحبّك الذي سيخرجك من ملّتك… مثلًا… كحبيبتك التي ستمرّد على قوانين عشيرتها… مثلًا…
كأنت… كوطن… كأنا… كتلك الأرض المغتصبة… كتلك الحقيقة المشوّهة… كذلك الشيخ الوقور… مثلًا… كتلك الأماني المعلّقة… مثلًا… كتلك النجمة ذات الروح الثائرة… مثلًا… كذلك الوجع الممتد من روحي إلى أرض فلسطين… حتمًا…
كشوارع بيروت التي كنت أغار من أنفاسك فيها… مثلًا… كذلك الشاطئ الذي كتبت على ضفّته قصيدة… مثلًا… كذلك السقف الموشوم بالنجوم… مثلًا… كتوبتك من حبّي… حتمًا… كسؤالك المبتور… مثلًا… كخيانَتِك لوجه المرآة… مثلًا… كصفعك لوجه الريح… مثلًا… كغربتك… كدمعتك… كم أحببتك..! مثلًا… كم استرخصت تراب وطني؟ مثلًا… كم دفع لك الزمن لتقهرني… لتخذلني… لتصمت… حتمًا…
أمَلامحك فقط تغيّرت أم قلبك هو الذي تغيّر؟ أما زلت تقرأ نفس الكتاب وتشاهد نفس الصور؟ هل ماتت فيك أشياء؟ هل أسألك من أنا لأجد نفس الجواب؟ أم تراني تغيّرت ونسيت من أنا؟
أنا لم أتغيّر، فقط تغيّر زمني وتغيّرت أولوياتي… كم تغيّرنا! كم تغيّرنا؟ كأنا وأنت… مثلًا… كغدرك… كوفاء الليل للظلام… مثلًا… كبزوغ القمر وجارته النجمة… حتمًا…
- لحظة! مثلًا… هل… _ نعم… حتمًا…