
كتب / محمد القرموط
مع استمرار عمليات فرز الأصوات في الانتخابات المحلية البريطانية، يتزايد القلق داخل حزب المحافظين بشأن مستقبل رئيس الوزراء ريشي سوناك، في ظل مؤشرات متزايدة على تراجع شعبيته وفقدان الحزب لمكانته في عدد كبير من الدوائر.
وقد خسر المحافظون بالفعل السيطرة على مقاطعات رئيسية، من بينها مناطق في ميدلاندز، في نتيجة اعتبرتها قيادات الحزب بمثابة ضربة محبطة. وتواصل عمليات الفرز في مناطق تشهد تنافساً شديداً بين المرشحين، مما يزيد من توتر الأجواء داخل الحزب الحاكم.
وقال أحد قيادات الحزب لوسائل الإعلام: “هناك العديد من الدوائر التي تُشكّل مصدر رعب حقيقي لنا”. وعلى الرغم من هذه الخسائر، لا يزال سوناك متمسكاً بموقعه، وسط تساؤلات متزايدة: لماذا يستمر؟ ولماذا لم تتم الإطاحة به بعد؟
الاستراتيجية التي اعتمدها الحزب ركزت على تعبئة الدعم في الدوائر التي تضم مرشحين مخضرمين، ونجحت نسبياً في الحفاظ على بعض المقاعد. غير أن استطلاعات الرأي كشفت أنه لو شهد يوم الاقتراع إقبالاً كاملاً من الناخبين، لكان الفارق بين المحافظين وحزب العمال لا يتعدى 9%، ما يشير إلى أن الأمل لم يكن معدوماً بالكامل.
وقال وزير في الحكومة: “بعد شهور من التوقعات القاتمة، ربما نواجه برلماناً معلقاً لا يملك فيه أي حزب الأغلبية الكافية”.
وتشير النتائج الأولية إلى أن المحافظين يواجهون أسوأ أداء انتخابي منذ عام 1996، مع استعادة حزب الأحرار الديمقراطيين لدوائر سبق أن فاز بها المحافظون في عهد ديفيد كاميرون. وفيما يبرر البعض ذلك بأنه أمر طبيعي في الانتخابات المحلية النصفية، يشير آخرون إلى أن حجم الخسائر، والذي قد يتجاوز 500 دائرة، يعكس تراجعاً كبيراً في شعبية الحزب.
أنصار سوناك الذين طالبوا العام الماضي بمنحه مزيداً من الوقت على أمل تحسن الوضع الاقتصادي، يجدون أنفسهم اليوم في موقف حرج، حيث لم يتحقق ذلك التحسن، بينما تراجع دعم القواعد الشعبية.
وبالرغم من تزايد الحديث عن تغيير محتمل في القيادة، إلا أن المرشحين المحتملين لقيادة الحزب – ومنهم وزيرة الداخلية السابقة سويلا بريفرمان – يبدون تحفظاً، ويدعون إلى مراجعة توجهات الحزب بدلاً من استبدال زعيمه في الوقت الراهن.
ويفتقر الحزب حالياً إلى شخصية بديلة قوية مثل بوريس جونسون الذي كان بديلاً جاهزاً في عهد تيريزا ماي، كما لا توجد رؤية واضحة لمسار سياسي جديد يمكن تبنيه، ما يجعل فكرة الإطاحة بسوناك الآن محفوفة بالمخاطر.
وقال أحد الوزراء السابقين: “ما نعيشه الآن لا يملك القوة لإحداث تحول. ليس لدينا رؤية أو فلسفة تعيدنا للمشهد”.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن استمرار سوناك في قيادة الحزب لا يعكس بالضرورة ثقة في أدائه، بقدر ما يعكس غياب البديل واستعداد البعض لتحميله وحده مسؤولية الهزيمة المتوقعة في الانتخابات العامة المقبلة.
ويعلق أحد نواب الحزب قائلاً: “سوناك باقٍ في منصبه لأنه لا أحد يريد أن يتحمل عبء الخسارة الآن”.
ومع خسارة المحافظين للمزيد من المقاطعات، يزداد تردد الطامحين لقيادة الحزب في التحرك ضده، تفادياً لأي أضرار محتملة قد تترتب على الانقسام الداخلي.
ومع انتظار النتائج النهائية والاجتماع المقبل لمجلس العموم، يبقى مصير ريشي سوناك السياسي معلقاً. لكن بينما يترقب الحزب ما ستؤول إليه الأمور، فإن السؤال الأهم الذي يلوح في الأفق هو: هل سيبقى حزب المحافظين في مأمن من حكم الناخبين؟ الإجابة الأقرب للواقع حتى الآن: لا.