الخميس ٢٨ أغسطس ٢٠٢٥

رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

أخبار عاجلة

أحمد زكي يحكي: “كيف تحولت سيارتي إلى مكبٍّ متحرك للنفايات؟”

أحمد زكي يحكي: "كيف تحولت سيارتي إلى مكبٍّ متحرك للنفايات؟"
أحمد زكي يحكي: “كيف تحولت سيارتي إلى مكبٍّ متحرك للنفايات؟”

بقلم: أحمد زكي

في البداية أحب أن أوجّه رسالة شكر للشعب المصري، وخاصة سائقي السيارات بمختلف أنواعها على الطريق، لوقوفهم بجواري ودعمي، كلٌّ حسب إمكانياته، مما أدى إلى حصولي على هذه الجائزة الدولية…

ففي أحد الأيام استيقظت مبكرًا، واستقللت سيارتي، وتوجهت بها إلى أحد الطرق المحورية، حيث كنت مكلفًا بعمل مأمورية من عملي إلى إحدى المحافظات القريبة…

انطلقت بالسيارة وبدأت الرحلة، إلى أن وصلت إلى أول الطريق المحوري، فوجدت يافطة كبيرة مضيئة مطمئنة مكتوبًا عليها: “توصل بالسلامة”… سعدت كثيرًا بهذه الكلمات الجميلة في الصباح الباكر وفي بداية الطريق…

وما إن استلمت الطريق… فوجئت بكمية كبيرة من المياه والرزاز تخرج من كل السيارات التي أمامي وبجانبي وتلتصق بسيارتي… ركزت في الأمر واعتقدت أن هناك أمطارًا… فنظرت إلى السماء، فإذا بها صافية، ولا توجد سحب ولا أي دلالة على وجود أمطار…

مما جعلني أركز أكثر في هذه المياه… والرزاز الملتصق على السيارة… إلى أن اتضح لي أن معظم، أو كل، قائدي السيارات – ومعهم عذرًا – يقومون بفتح شبابيك سياراتهم (والبصق) منها… أعتذر للقارئ، ولكن هذا ما حدث!

طبعًا لم يكن بإمكاني العتاب، فالكل يفعل ذلك على الطريق… حاولت تشغيل المسّاحات لإزالة هذا الرزاز الكثيف دون فائدة، فقد كانت مادة قوية ولاصقة…

بعد دقائق فوجئت بكميات كبيرة من المناديل تتطاير في الهواء وتخرج من شبابيك السيارات، ومعها كميات ضخمة من أكياس القمامة… والعجيب أن كل شيء كان يستقر على سيارتي ويلتصق بقوة في المادة الرزازية الموجودة عليها… مما اضطرني إلى تهدئة السرعة والتوجه إلى يمين الطريق للوقوف ومحاولة إزالة هذا الكمّ الرهيب من الرزاز والمناديل الورقية وأكياس القمامة، والتي التصقت على السيارة من كل الجوانب…

حاولت جاهدًا ولم أفلح، فهي تحتاج إلى مجهود كبير… ولضيق الوقت وتوقيت المأمورية بالكاد أوجدت مساحة لأشاهد منها الطريق… فقلت: لا داعي للعطلة، ولا داعي للانزعاج… وطالبت نفسي بالهدوء لاستكمال الطريق…

وطبعًا لم أسلم من “أصدقاء الطريق” وكلماتهم الساخرة بعد أن شاهدوا هذا المشهد، وشكل العربة التي تحولت إلى “سيارة جمع القمامة”…

استمريت في السير بهدوء، أدعو الله أن أصل بالسلامة وأنهي مأمورية العمل… وثوانٍ قليلة حتى فوجئت بسيْل من علب الكانز الفارغة وعلب العصائر الكرتونية تتطاير في الهواء – أيضًا من قائدي السيارات المحيطة والتي أمامي – وتلتصق سريعًا بسيارتي، نظرًا لوجود هذه المادة اللاصقة القوية التي ازدادت قوتها بعد التصاق المناديل الورقية وبقايا الأطعمة…

وتجمعت كميات كبيرة من الكانزات وعلب الكرتون على السيارة… فتوقفت مرة أخرى لأشاهد ما حدث للعربة، فقد تكونت “لوحة عجيبة”، حتى بدت ملامح السيارة تتغير… وتختفي تفاصيلها…

حاولت إزالة أي شيء، ولكن دون فائدة… واكتفيت بالقدر القليل الذي أرى منه الطريق…

وفي ذهني دائمًا: المأمورية… والوقت… هما الهدف. لكنني لم أسلم من الضحكات العالية لكل قائدي السيارات من حولي، لما يشاهدونه في هذه “العربة الكوميدية” التي تسير على الطريق…

وتمهلت في سيري على يمين الطريق… إلى أن حدث شيء صعب جدًا… كانت أمامي سيارة نقل كبيرة محمّلة بأسياخ حديد طويلة تخرج من حدود أبعاد المقطورة وغير واضحة…

وقفت السيارة فجأة أمامي… ولم أفق إلا بعد أن وجدت نفسي مازلت حيًّا! فقد دخلت أسياخ الحديد من الزجاج الأمامي حتى خرجت من الزجاج الخلفي… وبمعجزة إلهية، وبمشيئة الله، لم تدخل الأسياخ في رقبتي أو جسدي…

وفوجئت بالسائق ينزل مسرعًا، مبتسمًا، مقهقهًا… واضح جدًّا أنه ليس في وعيه… ويقول لي ببساطة:
– الحمد لله جت سليمة! (ويقهقه بصوت عالٍ) وقال: يلا يا باشا، عشان نخرج الأسياخ من عربيتك ونشوف شغلنا…

بدأت أفقد أعصابي… وأمام عيني صورة المأمورية التي لا بد أن أنجزها لأهميتها…
نزلت من السيارة بحركات بهلوانية لتفادي أسياخ الحديد… وقمنا بإزاحتها، ورجعت بعربتي للخلف حتى خرجت جميع الأسياخ… وبمجهود كبير تمت العملية…

لكن السيارة أصبحت وكأنها تعرضت لقذائف وكميات كبيرة من الطلقات، وفرغت أجزاء كثيرة من الزجاج الأمامي والخلفي…

وقهقه السائق وهو ينصرف، قائلًا:
– عربيتك بقت مكيّفة… وحيدخلك هوا طبيعي… أنا كنت فاكرها كوم زبالة، ده منظر عربية؟!

قلت في نفسي: عندك حق… فمنظر السيارة تغيّر تمامًا، وأصبحت شيئًا غريبًا: رزاز لاصق، لو استُخدم في المصانع لأصبح من أجود المواد اللاصقة في العالم… كميات من الورق والمخلفات، كانزات فارغة، علب عصير كارتون، زجاج مثقوب… كل هذا يسير على أربع عجلات…

ومادام الموتور شغال… قررت أن أتحرك…

عن أحمد شعبان

شاهد أيضاً

حين تتحدث الكتب المقدسة عن مصر.. أحمد زطي يكتب

حين تتحدث الكتب المقدسة عن مصر.. أحمد زكي يكتب

حين تتحدث الكتب المقدسة عن مصر.. أحمد زكي يكتب بقلم: أحمد زكي مصر في الأديان… …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *