
بقلم الكاتبة/ نجمة عمر
نلتقي بمن يشبه الوجع صدفة…
نكتب في حذر بادئ نمو الزهرة ثم نندلق كفنجان معصور من صباحات الأمنيات.. ونتعطر بشذى الأقحوان
نتهور في الكتابة وندلي بكل مدلولات الحب دفعة واحدة بلا ظوابط …
ثم نتوقف …
نتريث…
نراجع كلماتنا ونقيدها…
نكبلها جيدا وكأننا نلبسها لجاما…
تهورت فكتبت عن عناق الكلمات لروحي…
وأتخيلك تمسك بيدي لنقفز من فوق التلة لنقع في الماء الزلال…
أشعر بالبرد فألتحف جلدك …
الصباح يعانق ضوء الشمس…
الغيوم تعانق السماء .
الليل يعانق النجوم .
البرد يعانق الشتاء .
فماذا عنا نحن أنا وأنت ؟
ألن نتعانق عناقا أبديا أزليا…
مثلك أنا لا أحب عناق الكلمات…
أحب رائحة التراب …
في حضن أمي وجدت نفسي…
دوما أخفي صرختي وأقتل أنوثتي…
زاحمت الرجال في رفع راية الوطن …
اختزلتك حبيبي في الورق…
أنتظر معك الوطن يزهر…
أغازل الرماد كي لا أنطفئ…
أقبض على الجمر في غيابك …
وحدي …
وحدي…
ولست معك وحدي…
حبيبي رجل محارب يرتدي بذلة عسكرية ويحتفظ بشطر وجهي تحت خوذته والشطر الآخر يدسه في أيسره ليقاوم الاختناق وقت الغزو …
شاهد الحرب عن كثب وأطلق الرصاص على جنود الاحتلال
زجوه في السجن وانتظرت ضوء الشمس معه…
عندما تحرر من أسره، اختفى من قاموس الوجد بعنفوان وطار حرا بعيدا عن قفصي…
بحثت عن اسمه بين أسماء الناجين فوجدته قد ترك رسالة ملطخة بالغياب…
كتب فقال:
حبيبتي النجمة المتمردة…
اكتبي عشقك للأرض ولا تبكي…
انثري عطر الشجن ولا تحزني…
حلقي بعيدا …
انتفضي…
انتشري في روحي كما تنتشر أشعة الشمس…
لن أجمع شتاتك لأسجنك…
سأكتبك أغنية لفلسطين وحدي…
سأبني لك بيتنا فوق القمم…
سألوذ إليك بكلماتي…
حرريني من معتقل أنفاسك…
اتركي الحبر يغرقني…
اتبعي صوت قلبك…
سيخبرك كل مرة إن كانت تعنيك كلماتي…
لا تبكي..
ارقصي فوق وجهي…
فوق وجعي…
وارقصي…
ارقصي…
ارقصي كما ترقص الروح فرحا بالعناق…
في كل قصيدة يولد العناق…
في كل أوقات البكاء…أمد يدي نحو وجعك وأمسح النار من فوق وجنتيك…
في طي النسيان كل الذكريات المؤلمة…
تعالي…
لا تختفي…
لا تختفي…
لا تختفي…
لا تنطفئي…
توهجي كما تتوهج روحك في كلماتي…
التمي..مع شعاع القمر اندمجي…
تغلغلي في جلدي كالضوء…
أناديك فاسمعي…
اسمعي صوتي…
حتى وإن طال غيابي لا تجزعي…
صعب هو المشيب وحدي…
صعب يدك فوق قلبك وستشعرين بالنبض يزداد …
أنا هناك سأكون لا يزحزني البعد…
أمسكت بروحي وتهورت وكتبت:
استودعتك ربي حين تغيب … وحين تحضر
أبتسم عندما أجدني كل عناوينك …
أتستر خلف دموعي…
أخجل منك لأني مكشوفة الوجع جدا…
لم أعد أبالي أتدري؟
دعهم يظنون فينا الحب…
دعهم يكتبون اسمينا في رواق العاشقين…
دعهم يتوهمون أن العناق بيننا لا يستحيل…
أتراهم يفهمون كل اللقاء في كلماتنا ؟
أتراهم يحدسدوننا؟
أتراهم يتبعون خطواتنا الملطخة بالحبر؟
أتراهم يفهمون حقيقة لغة الروح؟
سيكون العناق ولن ينتهي…
ما إن ألتقيك سأدفن وجهي بين يديك…
دعك منهم…
أكتبني أغنية لفلسطين…
وأكتبك حبيب الروح…
تكتبني موسيقى كل قصيدة نثرية…
أغنيك أنا الطفولة المعهودة…
يضحكني تهوري…
يقويني تمردي…
يسعدني اقترابك من وطني…
تتخيل وكأنني طفلة تلاحق الفراشة الملونة في صباح ربيعي فوق السهول الممتدة المعشوشبة والمترامية الظلال؟
وأنا أتخيل انني ألاحق طيف النهار …
ماذا حصل ليسبب هذه الثمالة في الروح…
أتراني صدقت أنك فعلا تحبني؟
نحن نكتب ذلك…
أو أنك صدقت أنني أحببتك بطريقتي .. ؟
بطريقة تجعلك أمير جنوني…
نحن مقتنعان بذلك…
لحظات الجنون كما اليوم وكنت الأمس في الكتابة لن تتكرر لأننا نختفي جيدا ونفلح في اتباع أساليب الهروب وفك الأحجيات والسرد في غموض…
نعتقد أننا نجونا بالهروب منا ولكننا نغرق في الحب في صمت مهيب و نفشل في الخوف …
شجاعتنا أننا نكتب ولا نهاب تأويل الزمان…
أظننت أننا نتهور ونكتب..؟
أتشعر بالحرية مثلي هذا الصباح؟
أنا أشعر بالفرح غير المبرر…
أتظن أن حالات الجنون تقتحم سباتنا؟
أم نحن نتأقلم مع الغياب…؟
هل تشعر بالنضج وأنت تكتب كبطل نجا من من الموت؟
أم أنت مقتنع تمام الإقتناع أن الوطن العربي يتفرج في كل شيء إلا في الموت في غزة و لا يفقه قوانين العزاء…
لم أعد أخاف أخطاء اللغة لأنك ستصحح قبل أن تقرأ
لأنك تحفظ جيدا مسار كلماتي…
أحبك وقعت..تحت سجل هويتي
أحبك خيالا…
أحبك ولن أبالي …
اقترب تشرين ولن أفزع…
اسألني عن فزعي وسأهمس لك بأسرا تشرين الأول.
الكاتبة نجمة عمر علي كراتة #تونسفلسطين