فستان أبيض ويوم أسود !!

     أحمد المنسي

( قد تبدأ الأيام السوداء بالفستان الأبيض ) عبارة كتبتها يوما ، ومما أثار تعجبي أن أكثر من أعجبتهم نساء .

أعترف أنني وضعت هذا العنوان لجذب انتباه القارىء الكريم ، فالمسألة عظيمة بحق ، وتستحق منا جميعا أن ننتبه . هل رأيت أحدا من أقاربك أو من جيرانك أو ممن تعرفهم يتحدثون بهذا ؟ّ! أعني أن الأيام السوداء بدأت مع الفستان الأبيض ؟ بالطبع ستكون إجابتك .. نعم .

كيف تتحول أيام الخطوبة بروعتها وجمالها وشاعريتها إلى جحيم لا يطاق بعد الزواج ؟ وكيف تستحيل الحياة الزوجية إلى كابوس مزعج يصعب تحمله أو الاستمرار فيه بحال ؟

اقترب من فضلك وأعطني أذنك .. لا أكتمك سرا ، فإن كل ما تسمعه من تفسيرات لحالات الطلاق في العالم العربي وفي مصر بخاصة قد يكون مغايرا للحقيقة , ففي الوقت الذي تقول أحدث الإحصائيات أن حالة طلاق واحدة تقع كل أربع دقائق في مصر ، ويُرجع البعض السبب في ذلك إلى المدنية والتقدم والانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي وانغماس الزوج في العمل وانصرافه عن البيت ، فإن هذه كلها أسباب واهية لا علاقة لها بهذه الإحصائيات الصادمة .

اسمع .. إذا أردت أن تقف على الأسباب الحقيقية للشعور والإقرار بأن أجمل ليلة في العمر كانت بحق بداية لأسوأ مما كان يتوقع الجميع من حياة ، ففتش عن الأم التي ربت ، والأب الذي علم ، والشباب الذين أقبلوا على الزواج وغامروا بالدخول في كهوفه ، والإبحار في أعماقه بلا أية مقومات أو مهارات أو مؤهلات , وبغير إدراك بحق لواقع الحياة الزوجية .

خيالات عقيمة نسجتها الدراما العربية حول العلاقة بين الرجل والمرأة ، كان من شأنها أن تُغرق الشباب في بحرعميق من الأوهام والخرافات ، ثم بيت تخلى عن دوره في تربية وتأهيل فتاة أو شاب مقبلين حتما على بناء أسرة وتربية أطفال .

قلت ومازلت أقول .. إن الأم هي التي تربي ، وإن عاد إليها الفضل في حسن التربية .. يعود عليها اللوم في سوءِها . هي التي تربي النساء والرجال الذين بدورهم يربون جيلا جديدا .

أميل شخصيا إلى الشدة في التربية والخشونة – ولكن في غير قسوة – قد يوافقني البعض أو يختلف معي ، لكنني لا أتخيل أبدا أن التدليل أو التخلي عن التربية الصحيحة تصنع عنصرا مستقيما في عالم البشر ، إذ كيف تصبر امرأة على زوج ضاق به الحال ؟ ، وكيف تكون دافعا لرجل موهوب يسعى للوصول والنجاح ؟ ، وكيف تكون عمادا للبيت عندما يتخلى رجل مستهتر عن واجبه ؟ ، وفي المقابل .. كيف يقوم الزوج بدوره آخذا بأسباب القوامة بحق الرعاية والمراقبة والمحبة والرحمة والنماء ؟ ، كيف يكون عارفا بأمور النساء ، مدركا لطبائعهن واحتياجاتهن ؟

هذه هي الأسباب الحقيقية والدوافع القوية التي هي بالفعل تجعل الأيام السوداء .. تبدأ بالفستان الأبيض .