الجمعة ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٤

رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

أخبار عاجلة

الأعراضِ التي يتوجّب عدم تجاهلها . . . أشخاصٌ أصيبوا بأمراضٍ خطيرة يُخبرونا تجاربهم

صباح أبو سته

إن كُنتَ تعتقد أنك في طريقك للمعاناة من مرضٍ حقيقيّ، فما رأيك بفكرة سؤال طبيب عن رأيه في الأمر؟

تجاهلهُ وسوفَ يختفي مع الوقت – هي الطريقةُ التي يعتمدها الكثيرُ منّا للتعاملِ مع الأعراض المرضيّة، الوعكات الطارئة، وأيُّ طفحٍ جلديّ مثل البقع الغريبة التي يُمكن أن تظهر علي أطرافنا. ولكن من الواضح أن هذه ليست الطريقةِ الصحيحة للتصرف. إن كُنت تعتقدُ أنّ أمراً ما ليس على ما يُرام، فاذهب واخضع للفحصِ اللازم – قد يعني ذلك الفرق بين أن تُشفى بسرعة و بين ما هو أسوأ بكثير. بالطبع، يُعتبر هذا أحدُ الأسبابِ التي تدفعُ الكثيرينَ منا لعدم التحرّك: فإنكار الأعراضِ أسهلُ من تقبّلها.

تشرحُ لنا الدكتورة جولي شاينر، وهي أخصائيةٌ نفسية في مجالِ العلاجِ السلوكيّ: “أن يضطرّ البعضُ لتحملّ الأعراض غير مدركين السبب، حتماً يقعُ تحتَ مقولة “الجهل نعمة”. يخشى الناسُ من الأمور التي لا يستطيعون فهمها، لذا فإنّ تجاهُل الأعراض قد يكونُ أسهلَ من التعاملِ مع حدث ذي وقع أكبرَ على النفس وتبعاته الأكثر سوءً. إنها مُجرّدُ آلية دفاع”.

تحدّثتُ إلى أربعة أشخاص قاموا بذلك تماماً فقاموا بتجاهُل الأعراض، قبل أن يتم تشخيصهم بأمراض خطيرة.

كريستين كوبّا، مُحرّرة أبحاث، أصيبت بسرطان الغدة الدرقية

كانَ لدي بعض الأعراض، لأكون صادقةً معك، لكن عندما أصبحَ صوتي غليظاً في ربيع عام 2014 وما صاحب ذلك من سعال، عندها أعرتُ بعضَ الاهتمام للأمر. لم أكن أشكو من أيّ نوعٍ من الألم بوجودِ هذه الأعراض، لذا عزوتها للحساسية الموسمية. كنتُ أقضي الكثير من الوقت مع ابني في الصالة الرياضية أو الحديقة، لأنّ جاك طفل في غاية النشاط. لذلكَ اعتقدت بكل جديّة أنني أُصبت بهذه الأعراض لأسباب مُتعلقة بالبيئة المُحيطة.

في بادئِ الأمر، كانت الصدمةُ الحقيقية عندما أخبرتني الطبيبة أنها أحسّت بوجود كتلةٍ ما في منطقةِ الرقبة لدي. ثم بعدَ القيامِ بعملِ كُلِ الفحوصات الاكلينيكية والمخبرية وصور الأشعة، صُدمتُ ثانيةً عندما سمعتُ كلمة سرطان. شعرتُ أنّ الأمرَ سرياليٌّ كما لو أنهُ ليسَ حقيقياً. كيفَ يُمكنُ أن يكونَ ذلكَ صحيحاً؟ فقد حَدَثَ كُلُ شيء بسرعةٍ كبيرة لدرجةِ أنهُ لم يتسنّ لي الوقتُ لاستيعابه – ولكن كما هي العادة، كان ابني ببالي طوالَ الوقت. وكنتُ أشعُ بالذنبِ لأنّي اضطررتُ للابتعادِ عن ابني ذو الخمسِ سنوات. ولكنَّ الفضلَ يُعزى لأفرادِ عائلتي الذين كانوا خيرَ داعمٍ لي، وقدموا لجاك الرعايةَ الجيدة فيما خضتُ أنا غِمار خطتي العلاجية.

لكنّ الحزنَ أصابني بعدَ الدورةِ الأولى من العلاجِ الإشعاعي، عندما كُنتُ أتناولُ سينثرويد وهو عقارٌ يتوجّبُ أن أظلّ عليهِ طِوالَ حياتي. حزنتُ على حياتي السابقة. الحياةُ التي كُنتُ قد اعتدتُ عليها. ثم اجتاحني الغضب. الغضبُ من وزني الذي واصَلَ التقلّب، ومن الإرهاق المُتواصل، ومن التأرجح بين الشعورِ بالبردِ والدفء. كانَ مزاجي عالياً للحظةِ ثـُم ينزلُ في الحضيض في اللحظةِ التالية – وكانَ هذا يُـؤثر على أقربَ المُقرّبين من حولي. سَرَطانُ الغُدة الدرقية ليس لعبةً. وليسَ من الصواب أبداً أن يُقالَ أنهُ أفضل أنواعِ السرطان أو “سرطانٌ جيّد”. فحياتي بأكملها اختلفت.

لم أتوجه لطبيبتي لأنّي كُنتُ أشعرُ بالمرض، بل لأنهُ كان موعدُ فحصي الروتيني السنوي. ولكن لو كنتُ توجّهت لها عندما تواصَلَ السعالُ و أصبح صوتي أجشاً، لما كَبِرَ الورمُ أكثرَ من بضع سنتميترات. لقد كان ورمي كبيراً لحدٍ أنهُ غطّي كلّ النصفَ الأيمن من غدتي الدرقية. أظنُ أنّ اكتشافهُ مُبكراً كانَ سيُنقذُ النصفَ الأيمن من الغدة ولربما لم يكن من الضروري أن أخضعَ للعلاجِ الإشعاعي أو أن أعيشَ على تناولِ الأدوية طِوالَ حياتي. لكن في نهاية الأمر، ليسَ من الجيد التفكيرُ في الاحتمالات وماذا لو، أنا شاكرةٌ لأنّي ما زلتُ على قيد الحياة.

نصيحتي: اذهب للطبيبِ وحسب. أنا أُشجع النساء أيضاً على فحصِ منطقةِ الرقبة بانتظام. لو كُنتُ فعلتُ ذلك، لاكتشفتُ الكُتلةَ حتماً. كانت مثل حبة عِنبٍ قاسية. لو كنتُ نظرتُ للمرآة عندما كنت أتحدثُ أو أبلعُ بعضَ الطعام، لكنت رأيتُ بروزاً يتحركُ في رقبتي – لكن من منا يقوم بذلك؟

نيكول جرين، نائبة مُدير المكتب الأمريكي لصحة المرأة، أصيبت بمرض لايم

أذكرُ أنها كانت صبيحةَ يومِ عيد الفصح عام 2007. استيقظتُ ولم يكن بإمكاني التحرّك. من الرقبة ونزولاً، لم أستطع تحريكَ أيّ جُزءٍ من جسمي. ما قد يبدو غريباً، أنّي لم أكن خائفة في تلك اللحظة – ظننتُ أنّي قد أُصبتُ بالانفلونزا وحسب. كنت أُصبحُ تدريجياً على درجةٍ أكبرَ من الإعياء، لكنّي لم أعتقد بأنّ الأمرَ بدرجةِ الخطورة التي اكتشفتها لاحقاً. أخيراً، ذهبتُ لرؤية الطبيب. قاموا بفحصي لأمراضٍ عديدة منها: الذئبة الحمراء، الألم العضلي الليفي، متلازمة الإرهاق المُزمن، التصلب المتعدد، وفقر الدم المنجلي. كل الفحوصات كانت سلبيةً ما عدا فحص داء لايم. لم يسبق لي أن سمعتُ بالمرض. قلت: “ولكنّي لا أمارسُ أنشطة في الطبيعةِ خارجَ المنزل”. كان الإنكارُ المبدئيّ قوياً إلى أن استرجعتُ حادثةً وقعت قبلَ 6 سنوات، عندما انتزعَ صديقٌ لي حشرةَ قرّاد من على رأسي وألقاها في الحمام. لم أنظر إليها أبداً – تلكَ كانت درجةُ الأهمية التي كانت عليها الحشرةُ بالنسبةِ لي.

داء لايم هو عدوى بكتيرية تنشأ من عضة حشرة قرّاد حامل للبكتيريا. يمكن أن تظهر الأعراض الأكثر خطورة بعد عدة أسابيع، شهور أو حتى سنوات إن لم يتم اكتشاف الداء في مرحلة مبكرة، وهذا تماما ما حصل معي.

أعراضٌ مثلَ الصُداع الحاد، التهابُ المفاصل، وآلامِ المفاصل الشديدة، إلى جانب الدوار، آلام الأعصاب ومشاكل الذاكرة ما هي إلّا قليلٌ مما يواجهُ المُصابون بالداء. بعد أن تم تشخيصي، شعرتُ بالفراغ وتم إخباري أنّي أُعاني من الاكتئاب. لقد كانَ ذلك معقولاً – فقد أصبحَ العالمُ باهتاً في عيناي.

بدأتُ في الحال بتناولِ المُضادات الحيوية. استنزفتِ الأدويةُ طاقتي، وفي بعضِ الأيام لم أستطع الذهابَ لعملي. فالقيامُ بالمهام أصابني بالإرهاق الشديد. لمدة عامٍ كامل، غاب عنّي الكثيرُ من الأشياء. قضاءُ الوقت مع العائلة والأصدقاء، أعياد الميلاد، الاحتفالات، ووداع أولئك الذين وافتهم المنية. كان ذلك العامُ جحيماً. لكن في الوقت الذي كنتُ أحاولُ فيه الحمل بطفلي الثاني، عندها اكتشفتُ أن داء لايم يُمكن أن يُؤثر على قُدرتي على الانجاب. ولكنني حملتُ لمرتين بحملٍ خارج الرحم. ولكن بمساعدة دائرة من الداعمين لي، تمكنتُ من تخطي ذلك الوقت العصيب. اضطررتُ لتغيير نمطي الغذائيّ بشكلٍ كبير ورغم أن طاقتي ليست كما كانت يوماً ما، إلا أني أشعرُ أنني بخير.

أعلمُ بأنّ هناك أناسٌ يعيشونَ في مُعاناةٍ دون درايةٍ بالسبب. إن كنُتَ تعلمُ أنّك َلستَ على ما يرام، لا تستسلم. ابحث وابحث وابحث ثم اذهب إلى طبيبك. اسعَ للحصول على رأيٍ ثان، لو لزم الأمر، أو حتى ثالث. لا تقبل بأن يُهمّش ألمُك وكربك. أعلم أنه من الصعبِ أن تظلّ مُتفائلاً – ثق بي، لقد مررتُ بذلك – لكن أرجوك حاول. ومن المهم أن يكون لديك شبكةٌ قوية، من أفراد العائلة والأصدقاء أو مجموعاتِ الدعم النفسي.

ماكس تاك، مؤلف “حل الإرهاق”، مصاب بمرض مُتلازمة الإرهاق المُزمن وعدوى فيروس إبشتين بار

اعتدتُ سؤالَ نفسي كثيراً: “لماذا، لماذا تجاهلتُ الإرهاقَ الطاحن الذي حلّ بي؟”. هذا ما يحدثُ عندما يتمّ تشخيصك بمرضٍ يُغيّر الحياة التي تعرُفها. بالنسبة لي، كان الجوابُ هو انشغالي الدائم. مشغولٌ بالركض في معارك الحياة. لم يُكن لديّ وقتٌ للشعورِ بالتعب. لذلك واصلتُ المُضيّ قدماً رُغم أن جسدي كان يستصرخني للتوقف.

عندما قامَ طبيبي أخيراً بإخباري أنّي أُعاني من مُتلازمة الإرهاق المزمن وعدوى فيروس ابشتين بار، قررتُ ألّا أدفن رأسي في الرمل – كنتُ سأُقاتلُ المرض وأتصدى له. دفعتُ عندي الخوف الأولي والصدمة التي ابتلعت جسدي واندفعتُ في طريق التحسّن. في حالتي، من الصعب القول ما إذا كان الذهابُ للفحصِ مُبكراً كان سيُغير من نتيجة المرض وأثره عليّ، حيثُ استغرقتُ الكثير من الوقت إلى أن أصبحَ هُزالِ العضلاتِ مرئياً والتغيراتُ في تعداد خلايا الدم البيضاء ملاحظة. لكني لو كنتُ علمتُ عن العدوى الفيروسية مُبكراً لكنتُ عملتُ بجدٍّ على تحسينِ جهازي المناعي. أنا مُمتنٌ لأنّي اكتشفتُ الأمر في ذلك الوقت.

إنّ فايروس ابشتين بار قادرٌ على القتل: فهو يُسبب الحُمى الغدّية ووجدتُ علاقةً بينهُ وبينَ العديدِ من أنواعِ السرطان. تم إخباري أن لا شفاء منهُ. عند سماعي لذلك، شعرتُ أن خنجراً أصابني في مقتل. فيما جلستُ في مكتبِ الطبيب ونطقَ بهذه الكلمات التي غيّرت مسار حياتي: “من المؤسف أنّ لديكَ القليلُ جداً من خلايا الدم البيضاء المُتبقية وعليكَ أن تعي أنّ غالبية الناس لا يتعافون بالكامل من هذا”، أصابني دوار. سمعتُ بالضعف المُتزايد الذي يختبره الأشخاص الذين يعانون من ذاتِ التشخيص، الكثيرُ ينتهي بهم الأمرُ مُقعدين على كراسٍ مُتحركة. لكنّي قطعتُ عهداً على نفسي ألّا أكونَ من هؤلاء.

إن لاحظتَ عَرَضاً أيّاً كان، اذهب لفحص الأمر. وافعل ذلك بسرعة. الوقتُ ثمين. لكن إياكَ أن تُصدق أنهُ ليسَ بالإمكانِ عملُ شيءٍ بخصوص المرض، حتى وإن أخبرك الطبيب بذلك. فجسدُ الإنسانِ جهازٌ لا مثيل له.

تشاريس، أصيبت بمرض انتباذُ بطانةِ الرحم

يحصلُ انتباذُ بطانةِ الرحم عندما تظهر خلايا مثل تلكَ التي تُبطّن الرحم في أجزاءٍ أُخرى من الجسم. في كلّ شهر، تتصرفُ هذه الخلايا تماماً مِثلَ الخلايا في الرحم – بناءُ الخلايا والأنسجة ثم تهتكها والنزيف. بخلافِ خلايا الرحم التي تغادره على شكل الطمث، ليس للدمِ الناتجِ من هذه الخلايا الغريبة أي ُّمكانٍ للذهاب إليه. لكن لا تُعاني جميعُ النساء – مما قرأتُ على الأقل – من آلاماً مُزمنة أو مشاكلٍ في الإنجاب.

لقد مررتُ بأسوأِ ما يُمكن من آلامِ الطمث. قد يبدو أنه من الطبيعيّ أن أذهبَ للتحقُق من الأمر، أليسَ كذلك؟ لكنّي اعتقدتُ أنّ ذلكَ طبيعي – أنهُ جزءٌ طبيعيّ ومؤلم من كوني امرأة. الحقيقة أنني لم أختبر آلامَ الطمث خلال مراهقتي، لكنّي أرجعتُ ذلك إلى مقادير الحياة. لكن مع مرورِ كل شهر، أصبَحَت الآلامُ أكثرَ حدةً وأطولَ مُدة. لقد كانت مُنهِكةً جداً واضطررتُ للتغيب عن العمل في كثيرٍ من الأيام. استغرقني الأمرُ ثلاثَ سنوات من الإلحاحِ على الأطباء إلى أن خضعتُ لمنظارٍ تشخيصيّ للبطن.

أعلمُ أنّهم يقولون يجبُ ألّا تقومَ بقراءةِ الأعراضِ على الانترنت، لكنّي قمتُ ببحثي الخاص على أيةِ حالٍ وخلُصتُ إلى أنّي أُعاني من انتباذِ بطانة الرحم. كنتُ على حق. في أعماقنا، نحن نعرفُ أجسادنا جيداً، ونعلمُ عندما لا نكونُ على ما يرام. ثلاثُ سنواتٍ من الضيقِ بدت وقتاً طويلاً جداً، لكن في المتوسط تنتظرُ النساءُ في المملكة المتحدة ما بين 7 إلى 8 سنوات. لقد مررتُ بكلّ مراحل الحزن. الإنكارُ والغضب وغيرهما. لقد خسرتُ حياتي السابقة. العامين الماضيين كانا بمثابة جحيمٍ بالنسبة لي، لكنّي أحاولُ تقبّلهُ الآن والتركيزِ على التحسن.

الحصولُ على تشخيصٍ مُبكرٍ كانَ سيكونُ أفضل، لكن بقدرِ ما النظامُ الصحيّ عظيم، إلّا أنني لا أعتقدُ

عن عيون المجلس

شاهد أيضاً

قرار عاجل من البنك المركزي البريطاني بشأن أسعار الفائدة

قرار عاجل من البنك المركزي البريطاني بشأن أسعار الفائدة

كتب/ أحمد بلبل فتحى أصدر البنك المركزي البريطاني ، اليوم الخميس، الإبقاء على أسعار الفائدة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *