السبت ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤

رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

أخبار عاجلة

سؤال لطفلة فى السابعة .. لماذا لايحب الله اللون الفوشيا ؟!

رنا السعدنى

..بذلت أمي قصارى جهدها حتي تربيني تربية صالحة وتجعلني «بنت محترمة»، فكانت تملي علي يوميًا ما أفعل وما لا أفعل، وأرسلتني وأنا في السابعة من عمري إلى مسجد بجوارالمنزل كي أتعلم القرآن وأحفظه وأجوده، كنت سعيدة جدًا بذلك القرار الذي أرضى قلبي وفطرتي وشعرت أن الطريق إلى المسجد هو الطريق إلى الله، والطريق إلى الله هو طريق الجنة في الدنيا والآخرة، وبالفعل بدأت في حفظ القرآن الكريم والاستماع إلى دروس الأخلاق بعد انقضاء فترة التسميع والقراءة، ولا شك أن لهذه الدروس أثرها البالغ في شخصيتي حتي الآن.  ولكن الويل كله كان  فى دروس ما بعد المغرب، وآه مما كنت أسمعه في تلك الدروس، كانت الدروس صادمة جدًا بالنسبة لطفلة لم تتجاوز عقدها الأول، كنت أكره تلك المرأة التي تعطيني الدرس أنا وكثيرات من الفتيات الصغار، وأتذكرتجهمها الدائم و نظراتها الغريبة لي وتعليقها المستمر على ملابسي ورفضها في بعض الأحيان أن أصلي وأنا أرتدي ملابس زاهية بألوان ملفتة مثل الأحمر والبمبي والفوشيا، كانت تخبرني يوميا أننى يجب أن أرتدي الأسود فهو ستر ووقار أكثر من تلك الألوان، ومنذ بدأت أحضر تلك الدروس، حتي تملكني الرعب والخوف من الله، فقد أخبرتني تلك المرأة أن الله سيلقيني في النار لأنني أرتدي “الفوشيا”، كنت أقضي الليل في البكاء والنحيب علي مصيري الذي تحدد في سني المبكرة، سيلقيني الله في النار بسبب لون ملابسي، لماذا يا الله تكره “الفوشيا” ؟، أنه لون الفتيات، هل تكرهني يا الله ؟! كنت أتجنب الألوان التي  سترمينى في النار،وأبكى من أجل استعطاف الله حتي يعفو عني، فتلك المرأة أخبرتني بلهجة كبر ونظرات احتقار أنها لا تعلم إن كان الله سيقبل توبتي أم لا، و كانت تعلم جيدًا أن الله سيلقيني في النار. لا محالة  وكلما هممت لأرتدي ملابسي، شعرت بالهم يثقل قلبي، والخوف الشديد الذي كان يصيبني بالغثيان، كنت أبحث بين ألوان ملابسي عن لون يرضي الله، فلم أجد، لم تشتر لي أمي من قبل ملابس سوداء، فتساءلت لماذا لم تشترِ لي أمي لون الوقار والستر؟ ولماذا غضبت مني حين أفصحت لها عن رغبتي في الالتفاف باللون الاسود دائماً ؟ كدت أشك في والدتي وأشك في تدينها. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل صرت أشك في كل من حولي، اهتزت صور كل من كانوا أمثلة أحتذي بها، فأصبحت بلا قدوة، والطفل بدون قدوة يصبح مضطربا بين أفكاره الصغيرة، كمن يرغب في السير على الماء. حتي جاء اليوم الذي ثرت فيه علي تلك المرأة، حين أخبرتني أن اللعب بالدمى حرام لأنها مثل الأصنام  .. يانهار أسود  !!، انسحبت ببطء من المسجد وأقسمت ألا أعود إليه  أبدًا، وبالفعل لم أعد مجددًا فتركت حفظ القرآن وتركت دروس الأخلاق وهربت بالطبع من دروس ما بعد المغرب. كان هذا أول انتصار صغير لي، وشعرت في اليوم الذي خرجت فيه من المسجد أني خرجت إلي الله، صرت أتكلم مع الله ولا أسمع لمن يتكلمون باسمه. والتخلص من ذلك الأمر لم يكن سهلا، قضيت سنوات كثيرة من عمري وأنا خائفة من الله، وصرت أصلي له وأنا أرتجف فكنت أخطئ بالصلاة، والأصعب من ذلك، أن حب الله في قلبي كان يقل يومًا بعد يوم، لم أكن أريد أن أعبده، فلماذا أعبد إله لا يريدنا أن نعيش في سعادة وأمان؟ لقد تمردت على ذلك الرب وتلك المرأة، وبحثت عن رب الحب والسلام، حتى عدت إلى طريق الله.. عدت إليه بقلبي وليس بتوجيهاتهم، وكلما تذكرت تلك المرأة رددت في قلبي(لكم دينكم وليّ دين(. أحبّك حبّيْن حُبّ الهوى.. وحُبّاً لأنك أهل لذاك فأما الذي هو حُبّ الهوى.. فشغلي بذكرك عمّن سواك وأما الذي أنت أهل له.. فكشفك للحُجب حتى أراك فلا الحمد في ذاك ولا ذاك لي.. ولكن لك الحمد في ذا وذاك.

 

 

عن عيون المجلس

شاهد أيضاً

خراب فلسطين

اعتذار ومحبة إلى فلسطين.. للكاتبة نجمة عمر علي

بقلم: نجمة عمر علي بالنيابة عن شعبي وبالنيابة عن تراب وطني، أعتذر منك يا فلسطين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *