الإثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤

رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

أخبار عاجلة

قصة جديدة.. نجمة عمر تنشر أول أجزاء “حصاد السنين” في عيون المجلس

تنشر لكم جريدة عيون المجلس الجزء الأول من قصة “حصاد السنين” للكاتبة نجمة عمر علي.

وحدت لغة غريبة عن وطنيهما قلبيهما. كان كلاهما مهاجرًا من وطنه إلى مكان يُظن فيه العيش رغيد، أو هكذا كانا يظنان. أن الغربة في مدينة تعج بناطحات السحاب غنيمة، وأن العمل الشاق طوال النهار في مكان لا يقبلان العمل فيه في مكانهما الحقيقي كفيل بمضاعفة الأجر الزهيد هناك في الوطن الفقير، فيصنع القدر لهما فرصة ثمينة لبناء بيت سقفه من حديد وجدرانه من لفح الصقيع.

كان اللقاء في مقهى مطل على الطريق المعبدة. جلس في ركنه المعتاد يحتسي قطرات السمراء العنيدة العالقة بقاع الفنجان وكأنه يمنع قارئة الفنجان من تتبع مسار أحلامه المؤجلة. دخلت من الباب حسناء منيرة كالبدر أو كالنجمة المتسللة في وضح النهار. كانت تلف وشاحًا يغطي شطر شعرها الحالك، وحقيبة يد مكتظة لا تتنفس تمسكها بقوة وكأن الحياة فيها تختصر مسافات الوجع.

تساءل مبتسمًا عن لون حمرة الشفاه، ورشف آخر قطرة وهو يجول بعقله ويغض بصره. مرت بجانبه فعلق عطرها بقميصه فتناثرت الأزرار كتناثر الأسرار. غرق في حيرة السؤال وكتم التفاتة ذراعيه ليحتوي رجفة قلبها. تجاهل متعمدًا دموعها السابحة في تلكما البركتين الرماديتين المحيطتين بعينين بلون القهوة اليمنية. أطرق السمع لدقات قلبها المتسارعة وحركاتها المتلعثمة وسمع نبرتها المترنحة:

“- مرحبا سيليا. هل يمكنني قضاء الليلة عندك؟ ولا تسأليني إن كان قد ضربني هذه المرة لأنه قد أبرحني ضربًا ولن أعود للبيت أبدًا. هيا أجيبي. هل أبيت عندك صديقتي؟”

“- لا عليكِ. لن أسألك عن التفاصيل الآن ولكن سأعرف كل شيء عندما تأتين. لا تقلقي. يمكنك المجيء.”

وضعت هاتفها فوق الطاولة الخشبية وأمسكت قبضة يديها بقوة، ثم راحت تعد أصابعها وكأنها تطمئن أن عدد أصابعها عشرة. تنفست وأرخت عضلات وجهها واسترخت وكأنها ضمنت انتصارًا من حرب لا تعلم أطوارها الآتية.

وقف من مكانه واقترب متعثرًا في أنفاسها، ووضع أمامها فنجانًا يضمه بأصابعه العشرة ليحافظ على دفء الحليب الساخن. تعجبت من تصرف الغريب ولكنها لم ترفض أن تسكب محتوى الفنجان في جوفها الممزق جوعًا وعطشًا. لم ترفع بصرها وفتحت حقيبة يدها لتقتلع قطعًا من “اليورو” عساها تجمع ثمن ما احتسته. ارتجفت يداها خوفًا وأوقعت تلك المكتظة أرضًا فتناثرت الأشياء على الأرضية الرخامية، ومن بينها كان أحمر الشفاه الذي تساءل عنه عند مرورها متسارعة الخطى. كان بلون الورد وبعطر الياسمين، فابتسم لأن حدسه صدق.

هنا ينتهي الجزء الأول من قصة الكاتبة نجمة عمر “حسب الظروف” ومن الجدير بالذكر أن الكاتبة نجمة عمر قد نشرت في عيون المجلس من قبل عدد من القصص من بينهم “الغرف الفارغة” و”القاضية المذنبة“.

عن أحمد شعبان

شاهد أيضاً

رحلت اليوم عن عالمنا الفنانة القديرة ناهد رشدى

رحلت اليوم عن عالمنا الفنانة القديرة ناهد رشدى

كتبت/ هاجر الديب لا تزال أصداء خبر وفاة الفنانة ناهد رشدى متواترة في الوسط الفني، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *