عيون المجلس سياسية ،اقتصادية ،اجتماعية ،ليبرالية شاملة
بقلم: نجمة عمر علي
جميعنا نقرر كل شتاء بداية جديدة، ونحاول تفقد جيوب معطف الشتاء الماضي عسانا نجد بقايا فتات لقصة حب قديمة، وكأننا نراوغ الفصل البارد لنبرر قراراتنا غير المخطط لها مسبقًا، فالغدر لا يسمى غدرًا إلا إذا كان فجأة.
ندخل اليد اليمنى في الجيب فنجد بقايا مناديل ورقية خشنة الملمس، جفت من الدموع في الظل، فترسب الملح وتغلغل في مسامات المنديل الأبيض. في غفلة، مررنا المنديل على خدودنا فجرحناها، كخدود الرمان الخجلة من الشمس.
أخذت نفسًا عميقًا، ولك أن تنسب الفعل للمتكلم أو لضمير الغائبة… والغائبين والغائبات.
سأعيد الصياغة بلا مجاملة ولا تلوين: ها قد أخذت نفسًا عميقًا ودسست اسمك بين الجلد والعظم، وانسلخت عن جسدي ليلتئم الجرح بلا ملح العين. خذ أنفاسي، هي لك، فلم أعد أحتاجها وهي مغرورقة بعطرك الفاخر. وخذ قلبي الذي أنهكته فلم يعد يلزمني، ولا شراييني تتفاخر به.
لقد فتحت صندوق الحقيقة الصادمة وجددت هواء الغرفة، وتلزمُني الآن رئتاك. ولكنك غائب، فاستعرت رئتي العصفور الزائر وعكازًا على هيئة قلم، وغطاء يقيني البرد على هيئة ذراعين ينتميان لجسدي، فليس هناك من سيوصيني بوضع وشاح من الصوف على كتفي. شتاء مضحك جدًا…
في كل الحالات، استطعنا صناعة كل شيء من الملح والسكر، إلا دمعًا وأيامًا حلوة. لم نستطع أن نصنعها، فتوكلنا على الله الواحد الأحد، وتحررنا من قيد يكبلنا يسمى “قيد التعلق المرضي” الذي عقوبته المنفى لما بعد الموت.
البعض ليضمنوا الحب يثيرون خوفك، فلا تتعلق بهم واركلهم بعيدًا عن مرماك. من هددك بالرحيل، افسح له المجال ولا تعطه فرصة، لأنه قد أخرج ما في قلبه منذ التهديد الأول. والبعض يتحجج باقتراب الموت ليقترب، والبعض ليبتعد. وتلك هي الخيانة العظمى.
حال الكبرياء بينك وبينها، وما أكذبك حين قلت إن في الحب لا يوجد كبرياء. يليق بنا الكبرياء.
