كتب: أحمد شعبان
توفي الأديب اللبناني إلياس خوري، يوم الأحد في بيروت، عن عمر ناهز 76 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا وثقافيًا غنيًا. ويُعد خوري من أبرز الأدباء العرب في التاريخ المعاصر، وهو قاص وروائي وناقد وكاتب مسرحي ومفكر لبناني، حيث أسهم في تطوير الأدب العربي من خلال رواياته ومسرحياته وكتاباته النقدية.
مسيرة أدبية حافلة
ولد خوري في بيروت عام 1948، وكان أحد أعمدة الصحافة الثقافية في العالم العربي، حيث شغل مناصب تحريرية في صحف لبنانية بارزة، مثل صحيفة “القدس العربي” ومجلة “الدراسات الفلسطينية”. كتب خوري عشر روايات تُرجمت إلى العديد من اللغات العالمية، بما في ذلك الهولندية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والعبرية والإيطالية والبرتغالية والنرويجية والإسبانية والسويدية.
إلى جانب الروايات، ألّف ثلاث مسرحيات وسيناريوهات، وله العديد من الكتابات النقدية التي تميزت بعمقها الفكري والتزامها بالقضايا الإنسانية والاجتماعية.
تعليم وأعمال أكاديمية
عمل خوري في التدريس بالعديد من الجامعات الدولية، بما في ذلك جامعة نيويورك، حيث كان أستاذًا زائرًا للأدب العربي الحديث والأدب المقارن في عام 2006. حصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ الاجتماعي من باريس، مما أضاف قيمة أكاديمية إلى إسهاماته الأدبية.
أبرز الأعمال الأدبية
من بين أعماله الروائية البارزة “أولاد الغيتو – اسمي آدم” بجزأيها، ورواية “الجبل الصغير”، و”الوجوه البيضاء”، و”رحلة غاندي”. كما ألّف عددًا من الكتب النقدية، أبرزها “تجربة البحث عن أفق” و”الذاكرة المفقودة”.
لكن روايته “باب الشمس” تعد من أشهر أعماله، إذ تناولت معاناة اللاجئين الفلسطينيين وسلطت الضوء على مجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت في بيروت عام 1982. وقد تحولت الرواية إلى فيلم سينمائي من إخراج المخرج المصري يسري نصر الله.
دعمه للقضية الفلسطينية
كان لخوري دور بارز في دعم القضية الفلسطينية من خلال كتاباته وأنشطته السياسية والثقافية. انضم إلى “المقاومة الفلسطينية” في سبعينيات القرن الماضي، وشارك في أنشطة تهدف إلى دعم حقوق الشعب الفلسطيني. عبر خوري عن التزامه السياسي والاجتماعي من خلال رواياته ومقالاته التي ناقشت الواقع الفلسطيني بعمق وتعاطف.
تأثيره على الأدب والصحافة
كان إلياس خوري من أبرز المثقفين النقديين في العالم العربي، حيث استخدم الأدب والصحافة كأدوات للتعبير عن الواقع السياسي والاجتماعي في المنطقة. كتب سيناريو فيلم “الجبل الصغير” الذي تناول موضوع الحرب الأهلية اللبنانية. كان خوري مثالاً للمثقف الملتزم الذي دعا إدوارد سعيد المثقفين لأن يكونوا عليه؛ يواجه السلطة، يشهد على الظلم، ويكون صوتًا للمعارضة الوطنية.
شخصيات عربية تنعي خوري
نعى عدد من الشخصيات العامة خوري بعد وفاته، معبرين عن حزنهم لفقدان هذا العملاق الأدبي. كتب الروائي المصري عمار علي حسن عبر حسابه على منصة “إكس”: “رحل عن دنيانا اليوم الأديب اللبناني إلياس خوري صاحب العطاء الغزير في عالم الثقافة، فهو الروائي والقاص والمسرحي والناقد والأكاديمي، الذي قام بتدريس الأدب العربي بجامعة نيويورك، والمحرر الثقافي الأول في صحيفة النهار لسنوات طويلة، ومع كل ذلك هو الإنسان الودود. غياب خوري خسارة كبيرة للثقافة العربية”.
كما قالت الإعلامية اللبنانية ليليان داوود عبر منصة التواصل الاجتماعي: “فتح باب الشمس ومضى، وداعاً إلياس خوري”.
ونعت الأوساط الثقافية العربية الأديب خوري، الذي تركزت كتاباته على مآسي الفلسطينيين. كانت رواية “باب الشمس” من أبرز أعماله التي ناقشت مجزرة صبرا وشاتيلا، والتي ما زالت تُعد إحدى أبرز الروايات التي ناقشت معاناة الشعب الفلسطيني.
إرث خوري الأدبي
يترك خوري خلفه إرثًا أدبيًا وفكريًا كبيرًا يمتد عبر أجيال من القراء والمثقفين. أعماله الأدبية والنقدية ستظل شاهدة على إبداعه والتزامه بالقضايا الإنسانية والسياسية، كما ستظل مصدر إلهام للكتاب والمفكرين في العالم العربي وخارجه.