رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

أخبار عاجلة

نجمة عمر علي تكتب: “أيا سوريا.. عروس العشق بين النصر والوجع

بقلم: نجمة عمر علي

أيا سوريا…

هناك الكل يراك وطنًا للمنفى المزهر…
هنا تغازلك الأقلام اشتياقًا للقاء الزهر…
وها قد أزهر العمر وتغلغلت الشيبات في السهول…
وطنٌ أنتَ لهذا ولهذا ولروحي العاشقة للقدس…
أراك عروسًا مذ قيل عنك مهد أطواق الياسمين…
يرونك فاتنةً والصبار ينمو بين أطراف المدن…
شوارعك تزدحم بصرخات النصر والخوف والدمع…
والأهازيج تراوغ روائح الموت…
أنتَ معشوقةٌ من حبيبك ومن جلادك…
أطروحةٌ أنتَ في نص فلسفي بلا حل…
هذا يحبك، وهذا يحبك، وهذا يحبك، وهذا يحبك..!

وأنا…
وأنا الغارقة في بحر هواك…
وأنا التي لحدودك أجتاز…
وأنا المسافات والموت والصبر والاشتياق…
تراتيلٌ آثمةٌ وتائبة، والصرخة من جوف الحشا تتوهج…

ومن سيكرهك؟
الكل لك عاشقون…
لعلي كرهتك يومًا… لربما… يوم بكى قلبي…
لعلي عشقتك ولا أدري…
لعلي رغبت في السير نحوك من شوارع بيروت…
لعل الحبيبات هناك كثيرات وأنا الدخيلة بلا أوان…
صمتٌ أرهقني… سيأتي القول الحسم…
ومن سيغتال الياسمين يا شام؟
ومن يغفو والعين جافة والقلب خائف وأنت الأرض؟

تلك السجون، وتلك القوافي، وتلك الصواريخ، وذلك الفرح…
تلك الحروف، وذلك الموت، وتلك الصرخات، وذلك الوطن…
جريحٌ… مقهورٌ… سعيدٌ… مظلومٌ…
ظالمٌ… كاذبٌ… صادقون… عاشقون…
معتقلٌ… أسيرٌ… انتصارٌ… انهزامٌ…
حبٌّ… رجالُ الحب ببذلات عسكرية…

نعم يا الغلا الفاتنة، كلهم لكِ عاشقون…
نشيدك يُغتصب كما يُغتصب العلم…
لربما لذلك ينشدون…
ما ضرهم لو بقي كل شيء على حاله رغم التعب؟
عشقتها بذلك النشيد، وذلك العلم، وذلك الاسم…
يشوهون كل انتصار وكل انهزام للنشيد والعلم…
أينسون أنكِ أيقونة العشاق من كل أنحاء الأرض؟
حتى الطيور تعرف بقاعك بالنجمات…

وأنا النجمة العاشقة لكل الأوطان…
لا الخوف يتمكنني، ولا الرجفة تثنيني…
أحببتكِ يا سوريا، ولكن ليس بحجم حبي لفلسطين…
عشقًا لفلسطين مذ كنت في الطريق أتعلم الحرف…
نطقتكِ أبجديتي وجعلتكِ لغتي وغايتي…

حبيبتي فلسطين، أراكِ من التغزل بالشام تغارين…
حبيبتي أنتِ فلا تجزعي، والعشق أنتِ فلا تأبهي…
علينا يومًا لترابكِ، وتراب الجولان، وتراب لحدي نلتحم…

يا عشق يا فلسطين!
يا سوريا… كيف أنتِ؟ وكيف هو حال الأحباب؟
كم تمنيت أن أكون بين الحشود، والعطر زغاريد…
وتحت كعبي العالي أنت تتوسل الحياة ولا أفعل…
أرميك في أصفاد الخنادق مشنوقًا…

وها أنا هنا وأنتِ هناك، والكل نيام…
والشمس والقمر والليل لعشقي لكِ يحكون…
بيني وبينكِ ماذا غير رقص فوق رفات القصائد؟
رهف الشعور واختزلتك في لغة مستبدة…
راوغت تراتيلك وتنفستك حرية…

عشقت الوطن أولًا…
عشقت الوطن ثانيًا…
عشقت الوطن ثالثًا…
جعلتك الأسير وأنت المحارب…
زججت بكِ في معتقل الحروف…
كالموت ألطمك موجًا وأغرقك حبرًا…
وأنا هناك وحدك تفرح بالانتظار…

انتصارك وهم…
كم أحسد الفرحة في عينيك…
كم أكره الفرح الذي زار الخائن…
كم تمنيتك مقتولًا ومبتورًا ومحكومًا عليك بالإعدام…

لذتُ زمان الحرب لدفاتري…
وزمان النصر فؤادك رماني…
لحفل النصر كم صبوت، وكم واساك الصمت والدمع…
ومن غير وجد تنازلنا عن كل الهذيان…
ما حسبنا للحرب نهاية…
ما توقعنا الحدود تفتح أبوابها…
انتصرت الشام، واندلعت حرب بيني وبينك…
ومستحيل أن تكون الحرب بيننا باردة…
هي نار العشق المحترق…
هباب الفحم هي القوافي…
رذاذ دمع مالح كموج بلا بحر…

هنيئًا لكِ يا شام…
كم كنت منك أغار…
وكم من بيروت وجمالها أغار…
وما غيرتي إلا من جمال يرونه ولا أراه…
ومن تراب يدوسونه بأحذية الحرب وأتمنى المشي فوقه…
حافية… دامعة…
كم أعشق تراب الأوطان!
خانتني الحرب والكل فيك منتصر إلا قلبي ما زال…

عن أحمد شعبان

شاهد أيضاً

قصة التاجر البخيل وابنته: حينما تتحول القيم إلى دروس في الإنسانية

قصة التاجر البخيل وابنته: حينما تتحول القيم إلى دروس في الإنسانية

عيون المجلس ‏يحكى قديماً أن تاجراً بخيلاً ليس لديه أحد سوى ابنته الشابة، وكانت على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *