
كتب/ عمرو موسى
أوضح المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، أن الانتخابات النيابية المقبلة ستُجرى تحت إشراف أحد أعضاء الهيئات القضائية على كل صندوق انتخابي، بما يضمن الشفافية الكاملة في كافة مراحل الاقتراع والفرز، ويُرسِّخ ثقة المواطنين في سلامة العملية الانتخابية وحيادها.
جاء ذلك في كلمة له بشأن مشروعي القانونين الخاصين بتقسيم الدوائر الانتخابية لمجلسي النواب والشيوخ، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، اليوم الأحد.
وهذا نص الكلمة:
السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر،
إن من اللحظات الفارقة في عمر العمل البرلماني، تلك التي يُعرض فيها على مجلس النواب تشريعاتٌ تمس جوهر الشرعية الديمقراطية، وتُعيد رسم خرائط التمثيل النيابي على أسسٍ من الدستور ومعطيات الواقع.
وفي هذا الإطار، يأتي عرض مشروعي القانونين المتعلقين بتقسيم الدوائر الانتخابية لمجلسي النواب والشيوخ، لا بوصفهما مجرد تقسيمات فنية أو بيانات جغرافية صماء، بل باعتبارهما تجسيدًا حيًا لنضج التجربة البرلمانية المصرية، وترجمةً صادقةً للإرادة العامة في أنقى صورها، وإعادة تأسيسٍ للعلاقة بين المواطن ومؤسسات الحكم، على نحوٍ يُعزز شرعية النظام النيابي، ويؤكد استجابة البرلمان لتحديات اللحظة الوطنية بتوازنٍ دقيقٍ بين صرامة النص وروح الواقع.
وإنه لمن دواعي التقدير أن نشيد، في هذا المقام، بالسادة النواب مقدمي مشروعي القانونين، لما تحلَّوا به من رؤية سياسية ناضجة، وإدراك دقيق لأبعاد العملية الانتخابية، وبراعة في استقراء النصوص الدستورية ذات الصلة، وتحليل أبعادها القانونية بمنهجيةٍ رصينة، ورؤيةٍ نافذة، أتاحت بلورة حلول تشريعية دقيقة، متسقةً مع المبادئ الراسخة في الفكر الدستوري.
وقد بدا أثر ذلك جليًا في إحكام المفاهيم، وجودة الصياغات، ودقة المذكرات الإيضاحية، التي ارتقت بمستوى المشروعين إلى نموذج من الأداء التشريعي المتقن.
السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر،
لقد انتهج المشروعان مسارًا رشيدًا بالحفاظ على ثبات النظام الانتخابي، وهو ما يعكس إيمانًا راسخًا بأن الاستقرار في القواعد المنظمة للعملية الديمقراطية يُعد شرطًا لازمًا لترسيخ الثقة الشعبية، وتعزيز التماسك المؤسسي، وتفادي دوامة التغيير، لا سيما وأنه، وإن تعددت المدارس الفكرية وتباينت الرؤى حول جدوى النظم الانتخابية المختلفة، فإن الاتفاق ينعقد على أن النظام الأمثل لا يُقاس بمدى اقترابه من نموذجٍ نظريٍّ مجرد، بل بقدر توافقه مع الخصوصية الوطنية، وقدرته على الاستجابة لتركيبة المجتمع وسياقه السياسي والاجتماعي، ويرتكز، قبل كل شيء، إلى الأسس الدستورية الراسخة؛ فالنظم الانتخابية لا تُستورد، ولا تُفرض كقوالب جاهزة، وإنما تُصاغ بتأنٍ لتنساب في ثنايا النصوص الدستورية، وتتكيف مع معطيات الواقع الوطني.
السيدات والسادة أعضاء المجلس الموقر،
إن ما نُنجزه اليوم ليس مجرد تعديلٍ تشريعي، بل هو خطوة محسوبة في بناء استقرار النظام النيابي، وترسيخ قواعد التمثيل الرشيد، وإعلاء لقيمة الانسجام بين مقتضيات الدستور وضرورات الواقع، بما يُعزز ثقة المواطن في مؤسسة اختارها بإرادته الحرة، لتكون لسانه وصوته.
وختامًا، أود أن أطمئن حضراتكم إلى أن الانتخابات النيابية المقبلة ستُجرى تحت إشراف أحد أعضاء الهيئات القضائية على كل صندوق انتخابي، بما يضمن الشفافية الكاملة في كافة مراحل الاقتراع والفرز، ويُرسِّخ ثقة المواطنين في سلامة العملية الانتخابية وحيادها.