من العنوسة للإضراب عن الزواج ووصولاً للمازر سينجل .. كارثة !!

   داليا إسماعيل 

..ظاهرة العنوسة اصبحت لدي الشباب والبنات تمثل مشكلة كبيرة جدا يعانى منها غالبية الشباب . فتأخر سن  الزواج “العنوسة” في وطننا العربي بصورة عامة وفي المجتمع المصري بصورة خاصة من المشكلات الكبيرة المعقدة التي يجب علينا ان نبحث لها عن حل ، فرغم الكم الهائل من الموروث الديني والثقافي الذي يعمل علي منع ظهور هذة الظاهرة  بالتعددية وغيرها ، إلا أن  وجود عادات وتقاليد شعبية غريبة وشروط شكلية كثيرة إرهقت الشباب والفتيات وكل من يريد الإقبال علي الزواج. هذه الصعوبات غيرت مسارات كثيرة نحو الإتجاه المعاكس ، فلكل بلد عاداتها و ثقافتها  المختلفة وعادة تكون خارجة عن النظام المألوف و تساعد علي إنتشار هذه الظاهرة ، كما أن نظرة المجتمع لا ترحم كل من تقدم بها السن دون أن تتزوج. . لقد دخلت علي المجتمع العربي مؤخرا الكثير من الظواهر السلبية التي تتجاوز حدود المغالاة في طلبات الزواج الكثير “وإرتفاع المهر وأسعار السكن إضافة الي إرتفاع سعر الذهب في السوق العالمية” وطلبات أسر الفتيات غير منطقية التي أثرت بشكل كبير علي الشباب  مع إرتفاع معدلات البطالة والتضخم وعدم قدرة الشباب علي هذه المتطلبات تسببت في إلغاء فكرة الزواج لدي الكثير من الشباب .. وأصبحت العزوبية ظاهرة ونتيجة طبيعية لما يعانية الشباب من ظروف يصعب معها بل يكاد يستحيل علي الكثير منهم توفير مسكن مستقل بعد سنوات طويلة من العمل او توفير تكاليف الزواج الباهظة ، واصبح عدد الفتيات ممن تجاوزت أعمارهن 35 عاما بدون زواج 8 ملاين اي 40% من مجموع الفتيات في سن الزواج ، فهذه الظاهرة لم تتواجد في أيام السلف وحتي عهد قريب بل كان الزواج المبكر سمة منتشرة وعلامة ميزت مجتماعتنا حتي انقضت عليها هذه العادات والتقاليد السلبية التي غيرت الآتجاه وقلبت الموازين رأساً عن عقب. حتي ومن أراد الإقبال علي الزواج واتمام مراسم زواجه فعلية في البداية ان يوفر ميزانية بمطالب أهل العروس، الأمر الذي بات يرهق كاهل المقبلين علي الزواج ويضعهم مرغمين تحت طائلة الديون وفي نهاية تلك المراسم فقد يواجه هذه المشكلات التي تؤدي الي الإنفصال و ينتهي الزواج  بالطلاق قبل نهاية العام الأول منه ! وفي الغالب تكون الأسباب تافهة جدا ولا تصل إلي هذا  الحد ، ولكن هذا هو واقعنا حيث يتم الطلاق نتيجة لمشكلة صغيرة جدا بين الزوج والزوجة ، وذلك لأن مستوي تحمل الشباب والبنات منخفض مقارنة بتحمل الأجيال السابقة نظرا للظروف الإجتماعية والمادية التي اصبحوا عليها الآن ، كما أن أسر كل من الزوجين لم تعد تبذل أى  مجهود في سبيل الإصلاح وإنهاء الخلافات وحل المشكلات بين الزوجين وخصوصا لو كانت هذه الإسباب مادية ، ولهذا السبب تولد لدي الكثير من الشباب والبنات شعور الإحباط والخوف من الزواج خوفا من الفشل او من الوقوع في الطلاق !

  ونظرة على واقع الأمور فيما يخص الدخول الشهرية لبعض الفئات  تعطى بعض الدلالات الهامة .. الحد أدني لمرتبات بعض رؤساء البنوك 120الف جنية ، بينما مرتب الطبيب 340 جنيها والممرض 193 جنيها ، وراتب بعض موظفي البترول يتخطي راتب لواء الشرطة. كما ان موظفون القطاع الكهربي في نفس الدرجة يتقاضون 17 الف جنية ، وموظفيهم راتبهم 40 جنيها وآخرون 50 جنية وآخرون 10000 جنيه شهريا. كيف لنا ان نحقق العدالة الإنسانية في مجتمع تتفاوت فيه الإجور بهذا الحد ولا تتفاوت فيه الأسعار وغلاء المعيشة اليومية بقدر تفاوت المرتبات والأجور ؟؟ أليس من حقنا جميعا ان ننعم براحة البال والسكينة في ظل هذه الحياة ام هي حق علي الغني وميسور الحال بينما لا يستحقها الفقير وكل من حمل أعباء الحياة ومشاقها علي عاتقه. . واخيرا . ان مشكلة العزوف عن الزواج مشكلة لا يمكن حلها بمقالة ولا بسطور فهي ناتجة عن العديد من المشاكل التربوية والإقتصادية والإجتماعية والتي ترسخت في مجتمعنا ، ولكننا ندعو كل أب وأم وأخ وأخت تيسير أمور الزواج والعودة الي ماكانت علية العهود القديمة التي كانت تحث علي الزواج وترغب فيه ويدعو الي تقليل المهور والطلبات وخفض تكاليف الزواج الباهظة وانهاك كاهل الشباب والحمل الكثيف الذي هو علي عاتقهم وإقناع البنات بضرورة تحمل المسؤلية والصبر مع ازواجهم من أجل أسر هادئة تنعم بالسعادة والمحبة ، كما يمكنا ايضا من وضع حلول مادية تسهل وتيسر عملية الزواج ومنها “إنشاء صناديق الزواج من قبيل الدولة ورجال الأعمال والميسورين الحال ” ومهمة هذة الصناديق دعم الشباب وأباء الفتيات المقبلين علي الزواج وأبناء وبنات الأسر الفقيرة دعما ماديا ، والإكثار من حفلات الزواج الجماعي مما يخفض المصاريف علي الشباب المقبلين علي الزواج . فعلينا ان ننتبه جميعا .. ونتعامل مع الموضوع برحابة صدر وسعة أفق .. أحسن ماالبنت تعنس والواد ينحرف  وتفاجئنا حالات شاذة مثل  المازر  سينجل   !!