Buy Ambien Online Next Day Delivery
https://golddirectcare.com/2024/11/02/8xaalf0u علي لفته سعيد
منذ أن سمعت صوته وهو يغنّي على جرف النهر ، لم يستكن قلبها ولم يدر بخلدها ان هذا الغناء العذب الذي يطوّح بالرّيح ويحمل معه رذاذ الفرات ويغصّ بغرين القاع الذي يلاطف الأسماك الصغيرة والكبيرة من نوع البنّي والشبوط والكطان وهي تلبط آخر حركاتها قبل مغيب الشمس، فتتذكّر بصعوبةٍ بالغة ما حلّ بنعيّم الذي يجلس بكلّ تأكيد الى جوار ستار ونّاس الذي يغنّي قبل مغيب الشمس ويتوقّف مع الآذان القادم من جوف جامعٍ يتّكئ على كتف الفرات العالي في الطريق الممتد من سوق الشيوخ الى منطقة ( الكرماشية ) ليعود الى الغناء من جديدٍ مصحوباً بحلاوة البكاء الذي يسكبه نعيّم ويشاركه فيه خْليف الذي يركن عربته التي يجرّها الحمار الذي يقول عنه إنه أخوه التوأم، حيث نسي أبوه أن يرمي حيامنه كلّها في رحم أمه، فطفر منه في ليلةٍ مقمرةٍ بعض ذكورته الى رحم حماره الأنثى أم جحش، وهي تفتح ترفع قائميها الخلفيين فدخلت الحيامن هناك ليولد هذا الحمار من بطن أم جحش التي كانت يد أبيه في البحث عن الرزق بعد عامين من الحمل الذي دوّخ المدينة مثلما دوّخت ولادة خْليف المدينة، إذ ولد كبيراً وقيل إنه ولد بعمر عامين وراح يأكل في شهره الثاني ويركض بشهر الثاني عشر من عمره ليكون صديقاً للحمار الذي يصحبه معه بعد أن استلمه كإرث مهنته حمّال المدينة الأشهر.. لكن خْليف يختلف عن أبيه بأن له صوتاً يرنّ في الأسماع وهو ولا يعرف الغناء إلّا إذا لفّ اليشماغ على رأسه مثل عمامةٍ منفلتة الأطراف، ويميل الى جهة رأسه اليمنى، ثم يبدأ بتحريك رأسه يميناً وشمالاً فيما الحمار يمشي بلا اعتراضٍ..
مستلماً إشارات القيادة من حركة الحبل المربوط برقبته والمنتهية دائرته بيد خْليف، الذي لا يسمع أيّ كلامٍ من أحدٍ حتى يصل البضاعة أو الأغراض الى المكان المقصود. لكنه هنا حين يكون جالساً على ضفة نهر الفرات حيث طريق الكرماشية الجنوبي والمرتفع عن النهر بمسافة خمسة أذرعٍ، ليجد مكاناً فيه حشيشٍ رطبٍ من اندفاع موجات النهر، فيضع ستار ( جودلية ) صنعتها أمّه من قطع القماش الزائدة من خياطة ملابس المنطقة حيث يشتري لهم نعيْم يوميا ( بطل ) عرق هبهبي.. ستار الذي يغني من أشعار ( ابو معيشي) يمدّ ساقيه فتختلط أصات الغناء ما بين خْليف وستار فيما يكون نعيّم منزوياً يبكي ولا يكفّ عن البكاء حتى يأتيهم ( امّيّر) ليفسح لهم مجالا للفرح وهو يرقص لهم على وقع طبلة خْليف.