عيون المجلس سياسية ،اقتصادية ،اجتماعية ،ليبرالية شاملة
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
الأمير عمر طوسون هو ابن الأمير محمد طوسون باشا ابن والي مصر محمد سعيد باشا ابن محمد علي باشا، رأس الدولة العلوية. والدته هي الأميرة بهشت حور، وليس كما يشاع أنها الأميرة فاطمة بنت الخديوي إسماعيل التي كانت زوجة والده وليست أمه. جدته لأبيه كانت الأميرة ملك بير. ولد الأمير عمر طوسون بمدينة الإسكندرية في 8 سبتمبر عام 1872م وتوفي في يناير 1944م. عاش فيها الجانب الأكبر من حياته إلى جانب القاهرة، وكان يعد أحد أشهر أمراء أسرة محمد علي باشا.
تلقى تعليمه في سويسرا وقام بالعديد من الرحلات السياحية في مصر ودول أوروبا، وكان شغوفًا بالرياضة والصيد. اشتهر بتفوقه في العديد من المجالات ورعايته للكثير من المحافل والأعمال الخيرية واكتشافاته وكتاباته في الجغرافيا والتاريخ والآثار. له العديد من الكتب والخرائط باللغة العربية والفرنسية. كان هو أول من اقترح إرسال وفد من مصر إلى مؤتمر فرساي بفرنسا للمطالبة باستقلالها. وقف إلى جانب ثورة عام 1919م وأعلن تضامنه مع الأمة المصرية في مطالبتها بريطانيا بالاستقلال.
نشأته وتعليمه
توفيت والدته وهو في سن أربع سنوات فكفلته جدته لأبيه الأميرة ملك بير واعتنت بتربيته. بدأ الدراسة على يد مجموعة من الأساتذة المختارين في قصر والده. عندما بلغ سن الشباب، سافر إلى سويسرا لاستكمال دراسته وتجول في فرنسا وإنجلترا بغرض السياحة. تأثر بما شاهده هناك من التقدم العلمي والصناعي والزراعي والاجتماعي. عاد إلى مصر متقنًا للغات العربية والتركية والإنجليزية والفرنسية.
ورث الأمير عمر طوسون ثروة طائلة عن أبيه تضمن له عيشة رغدة، ولكنه لم يكن يميل إلى الراحة بل كان يجد متعته في العمل النافع. تولى إدارة أملاكه بنفسه مما ساعد على زيادة أرباحها. قام بإستصلاح أراضيه فتحولت إلى مزارع وفيرة الإنتاج. كان يمتلك إقطاعية ضخمة حول خليج أبو قير وأراضٍ زراعية في مديرية البحيرة ودميرة بمديرية الغربية.
اهتمامه بالآثار والاكتشافات
بدأ الأمير عمر طوسون يهتم بالآثار المصرية وبالبحث عنها. في عام 1910م، اكتشف جاستون جونديه ميناء فاروس القديم بالتعاون مع الأمير عمر طوسون. في أوائل الثلاثينيات، بدأ الأمير في العثور على أديرة أثرية مهمة على خط رحلة العائلة المقدسة، وبلغ عدد الأديرة التي اكتشفها 52 ديرًا. في أواخر الثلاثينات، تمكن من تحديد مواقع هياكل أثرية ضخمة في خليج أبي قير وتم انتشال تمثال لرأس الإسكندر الأكبر يعرض الآن في المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية.
إسهاماته الاجتماعية والخيرية
ترأس الجمعية الزراعية الملكية عام 1932م، والتي تخصصت في شؤون الزراعة في مصر. أجريت التجارب على الأراضي الزراعية وطرق إصلاحها وأنتجت سلالات من القطن والقمح والشعير. أعلن عن تقديم جائزة مالية لمن يبتكر علاجًا لإبادة دودة القطن وشجع على إعداد كميات كبيرة من التقاوي الممتازة للمحاصيل.
شارك الأمير عمر طوسون في الحياة السياسية في مصر ووقف بجانب الدولة العثمانية خلال الأزمات. جمع التبرعات لمساعدة العثمانيين وجاب أنحاء مصر لجمع التبرعات، مما أدى إلى حصيلة ضخمة لدعمهم.
نشاطاته الثقافية
كان الأمير عمر طوسون عضواً في العديد من الهيئات العلمية، مثل المجمع العلمي المصري والجمعية الجغرافية الملكية. كتب العديد من المؤلفات حول تاريخ مصر الحديث وآثارها، منها “الصنائع والمدارس الحربية”، “الجيش المصري في الحرب الروسية”، و”مصر والسودان”.
وفاته وإرثه
توفي الأمير عمر طوسون في 26 يناير 1944م. أوصى ألا تقام له جنازة رسمية، وقد نفذ الملك فاروق وصيته. وطلب تشييع جثمانه من ميدان محطة مصر بالإسكندرية، ولف نعشه بالعلم المصري القديم وحمل ضباط من السلاح البحري الموكب. دفن في ضريح العائلة الملكي في شارع النبي دانيال.
أوصى الأمير قبل وفاته بأكثر من عشر سنوات أن تهدى مكتبته العامرة بنحو ثمانية آلاف مجلد من نفائس الكتب والمخطوطات والصور والخرائط إلى المتحف الحربي والمتحف اليوناني الروماني ومكتبة بلدية الإسكندرية.
