الإثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤

رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

أخبار عاجلة

ننشر لكم الجزء الثاني من قصة نجمة عمر “حصاد السنين”

كتب: أحمد فؤاد

تنشر لكم جريدة عيون المجلس الجزء الثاني من قصة “حصاد السنين” للكاتبة نجمة عمر علي.

تناثرت كل الأشياء من تلك الحقيبة المكتظة بهموم السنين، وأصدر صوت القرقعة الخفيفة لقطع النحاس المستديرة صمت المكان. تدحرج أحمر الشفاه الوردي نحو قدميه. امتثل لقانون القدر وبدأ يجمع كل الذي تبعثر. أخذت تلملم كل الأشياء وتضع بصمة أناملها المرتجفة فوق أرضية الرخام.

لمست أناملها أصابعه الخشنة، فتراجعت للخلف خطوتين واحمرت وجنتاها خجلاً. رفعت بصرها لتتحد نظراتها بسيف من شغف الحياة الصعبة. ابتسم بجرأة رجل وسيم الملامح. كان شعره مموجاً، ممزوجاً بخصلات بيضاء وسوداء، والعين غائرة في السماء. كان اسمه “غيم”. بلون القمح جلده رغم طقس “فرنسا” البارد. أسود العينين ومقطب الحاجبين. كان يشبه كثيراً شخصاً غادر ولم يعد.

وقعت دمعة من عينيها على غفلة كغيمة ماطرة تدغدغها أشجان العواصف. تمهلت وسيجت قلبها، ولم ترتمي بين يديه مستجدية. وقفت، نفضت ركبتيها، ابتسمت وجلست في مقعدها الخشبي. أمسكت الفنجان بأناملها العشرة الخائفة، فضمتها أصابعه العشرة محاولاً تهدئة روعها. ساد في المكان رائحة عطر فريد، تشبثت بخطوات عابر سبيل عساه يجبر دمعها الأثير.

رن الهاتف فقطع صمت الفضاء. بلغة فرنسية متقنة كانت “سيليا” تخبرها أن ظرفاً طارئاً ولا تستطيع استقبالها في بيتها. كان الأمر منطقياً وبديهياً. لم تجبها بكلمات التأسف، واكتفت بدمع أغرق المكان. كان قد سمع نبرة فؤادها المحترق وقرأ تفاصيل وجهها، ففهم الحكاية، ولكنه لم يتجرأ بإخبارها أنها يمكنها الذهاب لبيته. فهو الرجل السوري المحافظ حتى وإن عاش في بلد أوروبي. تظاهر بالتجاهل لوجعها لتجنب إحراجها، وغادر المقهى.

مرت الساعات والثواني، ولم تغادر المكان، ولم ترفع بصرها نحو النافذة لترى أنه لم يبتعد وظل يحرسها من بعيد. مرت ساعات الليل الطويل وهي لا تكف عن الكتابة فوق دفتر مكتظ بالورق، والقلم يعتصر ويقطر حبراً ممزوجاً بآهات متفرقة. كتبت وهي لا تتقن اللغة:

“كمن همس بعينيه أن لا تحزني.. كمن ربت على الفؤاد برفق.. وكأنني كنت على موعد مع ليل بارد حيث تحيا حبات السمراء في فنجان يحترق.. كمن بلا سؤال كان متشبثاً بصمتي.. بلا تخطيط المقهى كان بارداً جداً حتى تعرفت على اسم عطره.”

ثم رفعت بصرها فجأة وقد نهش الصقيع كتفيها، فلمحت طيفاً ينفث دخاناً كسراب في صحراء ولا يرفع عنها بصره. اغرورقت أربع من العيون دمعاً وكأن الأرواح تعانقت وتخاطبت في صمت. كانا يسمعان كل شيء بلا نطق كلمة. كانت لغة الروح.

هنا ينتهي الجزء الأول من قصة الكاتبة نجمة عمر “حسب الظروف” ومن الجدير بالذكر أن الكاتبة نجمة عمر قد نشرت في عيون المجلس من قبل عدد من القصص من بينهم “الغرف الفارغة” و”القاضية المذنبة“.

عن أحمد شعبان

شاهد أيضاً

رحلت اليوم عن عالمنا الفنانة القديرة ناهد رشدى

رحلت اليوم عن عالمنا الفنانة القديرة ناهد رشدى

كتبت/ هاجر الديب لا تزال أصداء خبر وفاة الفنانة ناهد رشدى متواترة في الوسط الفني، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *