
كتبت: تغريد نظيف
قُتل 32 شخصاً على الأقل وأُصيب نحو 100 آخرين، بينهم أطفال، في ضربة صاروخية روسية استهدفت مدينة سومي شمال شرقي أوكرانيا، الأحد، تزامناً مع احتفالات عيد الشعانين، في هجوم وصفه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ”المروّع”، داعياً إلى ممارسة ضغط دولي قوي على موسكو لوقف الحرب.
وأعلنت هيئة الطوارئ الأوكرانية أن الهجوم وقع وسط المدينة حيث كان عدد كبير من المدنيين يتواجدون في الشوارع، مؤكدة مقتل 32 شخصاً، بينهم طفلان، وإصابة 84 آخرين، بينهم 12 طفلاً. وأشارت إلى أن الصواريخ أصابت الشارع العام والسيارات والمنازل ووسائل النقل، فيما تواصلت عمليات الإغاثة والإنقاذ.
ووثقت السلطات المحلية مشاهد صادمة من موقع القصف، تُظهر جثثاً ملقاة في الطرقات، ومدنيين مذعورين يهرعون إلى الملاجئ، في وقت تصاعدت ألسنة اللهب من المركبات المحترقة. وأفادت شاهدة عيان بأن أحد الصواريخ أصاب محيط مدرسة الاقتصاد التابعة للبنك الوطني الأوكراني في قلب سومي، مشيرة إلى أن عدد الضحايا كان كبيراً جداً.
الرئيس زيلينسكي جدد في أعقاب الهجوم دعوته إلى فرض مزيد من العقوبات على روسيا، مؤكداً أن موسكو تواصل الحرب لأنها لم تواجه رادعاً حقيقياً حتى الآن. وكتب على منصة “إكس” أن “من دون ضغط قوي ودعم حقيقي لأوكرانيا، ستستمر روسيا في إطالة أمد هذه الحرب”، مضيفاً أن “الكلام وحده لم يوقف يوماً الصواريخ والقنابل”.
من جهته، أكد رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف أن الهجوم تم باستخدام صاروخين باليستيين من طراز “إسكندر-إم”، موجهاً الاتهام للواءين الروسيين “112” و”448″ بتنفيذ الضربة. وطالب بمحاسبة المسؤولين عنها بوصفهم “مجرمي حرب”.
الهجوم أثار موجة إدانات واسعة من الغرب، حيث وصف المبعوث الأميركي الخاص إلى أوكرانيا، كيث كيلوغ، القصف بأنه “يتجاوز كل حدود الأخلاق”، منتقداً استهداف المدنيين في يوم ديني. كما نددت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس بالهجوم، واصفة إياه بأنه “مثال مروّع” على التصعيد الروسي رغم قبول أوكرانيا لهدنة.
رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا اعتبر أن روسيا “تواصل حملتها من العنف”، فيما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن موسكو “تتجاهل الأرواح البشرية والعروض الدبلوماسية”، مؤكداً أن فرنسا تعمل بلا كلل لفرض وقف إطلاق النار. كما أعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن “رعبه” من الهجوم، مطالباً بوتين بقبول هدنة فورية. ووصفت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الهجوم بأنه “رهيب وجبان”، في حين ندد المستشار الألماني المنتهية ولايته أولاف شولتس بما سماه “الهجوم الهمجي”، مطالباً موسكو بالتوقف عن التصعيد.
ويأتي هذا الهجوم الدموي بعد يومين من لقاء جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في سان بطرسبرغ، في إطار محاولات لاستئناف الحوار بين واشنطن وموسكو، رغم تصاعد التوترات وتكثيف روسيا ضرباتها في عدة جبهات. وتُعد سومي، الواقعة على بُعد 50 كيلومتراً من الحدود الروسية، من المناطق التي حذرت كييف من إمكانية تعرضها لهجمات روسية جديدة.
وكانت روسيا قد أعلنت قبل أيام سيطرتها على بلدة صغيرة في منطقة سومي، في خطوة نادرة من نوعها في الشمال الشرقي الأوكراني منذ انسحاب قواتها في ربيع 2022. وقال قائد الجيش الأوكراني أولكساندر سيرسكي، مؤخراً، إن موسكو بدأت بتنفيذ عمليات هجومية في منطقتي سومي وخاركيف، بهدف إنشاء “مناطق عازلة” ومنع التوغلات الأوكرانية.