
كتب: أحمد نور
تتسابق الولايات المتحدة والصين وروسيا للوصول إلى إنجاز غير مسبوق يتمثل في بناء أول مفاعل نووي على سطح القمر، في خطوة تعكس احتدام المنافسة العالمية على الفضاء الخارجي. وكشف شون دافي، المدير الجديد لوكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، أن بلاده تخطط لتركيب مفاعل نووي على سطح القمر بحلول عام 2030، في إطار مشروع ضخم خصصت له الوكالة أكثر من 7 مليارات دولار.
وأوضح دافي أن المفاعل المستهدف سيكون قادرًا على توليد 100 كيلوواط من الطاقة، ما يجعله أساسًا اقتصاديًا لأي وجود بشري دائم على القمر، خاصة في ظل الظلام الدائم والجليد الذي يعرقل استخدام مصادر الطاقة التقليدية. وكان من المخطط سابقًا أن يتم بناء مفاعل بقوة 40 كيلوواط فقط، إلا أن التوجهات الجديدة ترفع من سقف الطموحات.
وشدد دافي على ضرورة الإسراع في تنفيذ المشروع، مؤكدًا أن الدولة التي تبادر بتركيب المفاعل أولًا قد تتمكن من فرض “منطقة حظر دخول” تمنع الآخرين من التوسع في نفس الموقع، وهو ما قد يعرقل خطط الولايات المتحدة ضمن برنامج “أرتميس” إذا لم تسبق منافسيها. وفي هذا السياق، منح دافي مهلة 30 يومًا لتعيين مسؤول عن المشروع، و60 يومًا لإصدار طلب مقترحات من الشركات التجارية لتنفيذه.
وفي المقابل، تسعى الصين وروسيا إلى تحقيق هدف مماثل، بعد توقيعهما مذكرة تعاون في مايو الماضي لبناء مفاعل نووي مشترك على سطح القمر بحلول عام 2036، ضمن مشروع محطة البحوث القمرية الدولية “ILRS”، التي ستقع قرب القطب الجنوبي للقمر على بُعد 100 كيلومتر منه، بمشاركة 17 دولة، وستركز على إجراء أبحاث فضائية واختبار تقنيات غير مأهولة على المدى الطويل.
وتأتي هذه التحركات في ظل تصاعد القلق من أن الدولة التي تبادر ببناء المنشأة النووية القمرية قد تُمنح فعليًا حق استخدام الموقع بشكل حصري، رغم أن معاهدة “الفضاء الخارجي” لعام 1967 تنص على أن الفضاء لا يخضع للملكية السيادية. إلا أن واشنطن تتبنى تفسيرًا جديدًا يتيح للدول الموقعة على اتفاقيات “أرتميس” إنشاء ما يسمى “مناطق أمان”، وهي مناطق لا يمكن لدول أخرى استخدامها أو دخولها من دون إذن مسبق.
ويرى خبراء في قانون الفضاء أن هذه “المناطق الآمنة” قد تؤدي إلى اندفاعة فضائية محفوفة بالمخاطر، خاصة أن الصين وروسيا لم توقّعا على اتفاقيات أرتميس، ما يعني أنهما ليستا ملزمتين بهذه القيود. وقال الدكتور فابيو ترونكيتي من جامعة نورثمبريا إن الولايات المتحدة تسعى لفرض قواعد اللعبة عبر الوصول أولًا، مؤكدًا أن القانون الدولي لا يمنح أي دولة حق المطالبة الحصرية بجزء من القمر، محذرًا من أن السلوك الأميركي قد يدفع الآخرين إلى اتباع سياسات مماثلة لفرض نفوذهم في الفضاء.