
كتبت: سماح علي حامد
في صعيد مصر، تحديدًا في أوساط أبناء قبيلة العبابدة، تُروى قصة أسطورية عن رجل يُدعى ياسين العبادي بطلٌ شعبوي، حمل السلاح بوجه الاحتلال الإنجليزي، لكن صورة بطولاته طُمسَت على يد روايات رسمية لا تستند إلى حقائق واضحة.
في السرد الشعبي، يُتحدّث عن ياسين ليس كمجرم كما وصفه الإعلام الإنجليزي، بل كمقاوم جدير بالاحترام، “شوكة في حلق” سلطات المحتل، تمسّك بحقه في الدفاع عن بلده، ولم يَرِدْ منه استهداف للمدنيين، بل فقط لجماعة الاحتلال ومَن تواطأ معهم .
السرد الشعبي يتحدّث عن عرض العفو عليه، مقابل أن يضع سلاحه، لكنه رفض بشدة، قائلاً: ”لن أترك سلاحي… مادمت أرى الإنجليز في بلدي.”
في عام 1905، زُعم أنه حوصر في مغارة بمنطقة أسوان، وطُلب منه الاستسلام، فما كان منه إلا أن ردّ بصوتٍ عالٍ: ”مثلي لا يُسلّم نفسه… إلا جثة.” ثم قُتل على أيدي ضابط بريطاني يُدعى محمد صالح حرب، الذي أصبح فيما بعد وزيرًا للحربية .
السلطات الإنجليزية قدّمت الحادث باعتباره تصفية “مجرم خطير”، بينما تقول الذاكرة الشعبية إن القضية كانت تصفية بطوليّة لشخص قاوم الاحتلال، ولم يُقلّد القانون أو الإدارة الرسمية، بل كان في سبيل الدفاع عن وطنه.
كما يشمل السرد الشعبي ذكر بهية—التي وُصفت كمخطوفة في الروايات الاستعمارية، لكن مَنْ عرفها يروي أنها كانت زوجته، ووالدة ابنه، وقفت معه بإرادتها. وعندما مات، لم تفرح ولا شمَّت، بل زُغَرِدت… قهرًا على فقد صوت من أصوات الحرية .
في المحصلة، تقول الرواية الشعبية: ياسين العبادي لم يُقتل وهو يمارس الجريمة، بل استُشهد واقفًا، حاملًا سلاحه—يدافع عن وطنه.
هذا التقرير يُلقي الضوء على وجه الرواية الشعبية التي تحاول ردّ الاعتبار للبطل المنسي، وتذكّرنا بأن رواية الاحتلال ليست دائمًا التاريخ الوحيد، وأن للذاكرة الشعبية صوتًا بديلًا يجدر الاستماع إليه.