الأربعاء ١٣ أغسطس ٢٠٢٥

رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

أخبار عاجلة

أحمد زكي يكتب عن مدام اعتماد والسرداب القاتل

أحمد زكي يكتب عن مدام اعتماد والسرداب القاتل
أحمد زكي يكتب عن مدام اعتماد والسرداب القاتل

بقلم: أحمد زكي

مازالت الكلمة حائرة بين مفهومٍ لم يُقصد، ومقصودٍ لم يُفهم، فاجعل كلمتك بسيطة حتى يُفهم مقصدها.

المصلحة (3)
مختصر السابق:
لازم أطلع الدور العاشر لمقابلة الأستاذة (اعتماد) حتى تقرأ لي الكف، وأعرف هل ستنقضي المصلحة اليوم باستخراج الأوراق المفقودة الخاصة بي أم لا.
وخاصة بعد ما قال لي عم (على الله) الذي على البوابة إن الأسانسير عطلان، وسأقوم بصعود السلالم حتى الدور العاشر… وبعد رحلة ومعاناة الصعود، وقبل أن يستشهد الرجل، أبلغني بعدم مقابلة مدام (اعتماد) إلا ومعي الملف الخاص بي، وإلا سيحدث لي ما حدث له وأدى إلى وفاته.
ولحقت بآخر كلماته بأنه عليّ التوجه إلى السرداب تحت المبنى لإحضار الملف… فسقطت على الأرض مغشيًّا عليّ بعد سماع هذه الكلمات ووفاة الرجل.
لم أستفق إلا على رشّات المياه على وجهي، ووجوه كثيرة تنظر إليّ بشفقة على ما يحدث لي لإنهاء الإجراءات التي لم تبدأ بعد… ولكنهم طمأنوني بأنهم عرفوا مكان السرداب، وسيوجهونني نحوه لإحضار الملف، وأبلغوني أنني مضطر إلى النزول عشرة أدوار على السلالم، ثم أنزل دورًا تحت الأرض لأجد السرداب في البدروم لإحضار الملف.

قلت في سري:
منك لله يا عم (على الله)… لو كنتَ بلغتني من الأول قبل الصعود… ولكن “لو” تفتح عمل الشيطان، وقد أرتكب حماقة مع عم (على الله).
حصل ما حصل… وتذكرت أولادي وزوجتي المنتظرين عودتي، فنظرت إلى هاتفي المحمول لأجدهم اتصلوا بي كثيرًا طوال الوقت السابق، فقلت في نفسي: ماذا سأقول لهم؟ عليّ أن أنتظر حتى أنجز المهمة وأطمئنهم… واستعذت بالله من الشيطان ومن ارتكاب الحماقات، وتركت الرجل العجوز وطمأنته بأنني بمجرد عودتي سأبلغه بما حدث، فالوقت لم يعد يسعفني والمصلحة قاربت على الغلق ولم أنهِ مهمتي وأستخرج الأوراق المفقودة، فقررت النزول.

وسرعان ما خطرت في بالي فكرة… فقد لاحظت أن الترابزين الموجود بالسلم عريض، ومستدير، وأملس… فتذكرت أيام ركوب الحمير في البلد والتمتع بالسير بها وسط الحقول… فقررت سريعًا امتطاء الترابزين للنزول عليه بسرعة، وسط انبهار الجميع وضحكاتهم وإعجابهم بهذه العقلية… فنزلت دورًا دورًا وبحرص حتى لا أسقط في هذا البئر ومن هذا الارتفاع، حتى شعرت بتسلخات بين فخذيّ وبدأت تؤلمني… فتحاملت على نفسي حتى الوصول إلى الدور الأول، وعند الوصول وجدت تصفيقًا حارًا من جميع الموجودين بالمصلحة.

لقد كانوا يراقبونني ويراهنون على وصولي… وأُعجب الجميع بالفكرة، وبدأوا في تنفيذها وركوب الترابزين واستخدامه في النزول.
سعدت كثيرًا لقيامي بخدمة المجتمع وزائري المصلحة لحين إصلاح الأسانسير، وهذا التشجيع أعطاني الأمل في استكمال المهمة.

لمحت عم (على الله) الذي مازال يشخط وينطر في السائلين، والكل يجري من أمامه…
وانتبهت إلى صوت عالٍ:
السرداب من هنا… السرداب من هنا!

توجهت مسرعًا نحو الصوت، فوجدت رجلًا مسنًّا يحمل يافطة مكتوب عليها: أنا هنا في خدمتكم متبرعًا، بعدما شاهدت من معاناة في هذه المصلحة، وقررت أن أهب حياتي وعُمري المتبقي في هذه الخدمة وتوجيه المواطنين إلى السرداب.

كانت المصلحة تُدار هكذا… شكرت الرجل ودعوت له بالثواب الكبير عند الله لفكِّ الكرب عن المواطنين، وتوجهت مسرعًا إلى السرداب والخوف يملكني مما هو قادم…

وجدت أمام السرداب موظفًا حادًّا صارمًا يُلقي تعليمات قتال بكلمات مقتضبة وبصوت عالٍ:
من منكم يريد دخول السرداب ويقدر على إحضار ملفه… يتوجه فورًا إلى غرفة تغيير الملابس لارتداء زيّ السرداب واستلام القناع الواقي، والحضور أمامي لإعطائه تعليمات دخول السرداب للحفاظ على حياته أثناء إحضار الملف.

كاد أن يُغشى عليّ مرة أخرى، فقد تحملت الكثير منذ دخولي إلى المصلحة، لكن يجب عليّ التماسك لإنهاء هذا الأمر.

توجهت بسرعة إلى غرفة خلع الملابس، وارتديت الزي، واستلمت القناع، وتوجهت إلى الموظف الذي اطمأن على الزي والقناع، وأبلغني بأن أمامي مهمة شاقة، ومسموح لي بخمس دقائق فقط للدخول والخروج من السرداب، وإلا تعرضت للخطر.

بعد أن سأل عن بياناتي، أبلغني بأن ملفي موجود في الغرفة الحمراء، على اليسار بعد عبور الممر في السرداب، ثم جذبني بشدة وفتح طاقة صغيرة في الجدار، وضبط ساعته، وكرر أن السرداب قديم ومتهالك ومليء بالمحفوظات والمخاطر، وعليَّ الإسراع قبل انتهاء الوقت المحدد.

ثم قال لي بنظرة عميقة ومخيفة:
نفسك في حاجة قبل أن تدخل السرداب؟ هل لك أي أمنية تريد أن تبلغها؟
وطلب مني رقم الهاتف الذي يتصلون به في حالة أي ضرر يقع عليَّ، ثم طلب مني التوقيع على إقرار بتحملي كافة المسؤوليات والأضرار التي تنجم عن دخولي السرداب.

لم أملك أي قرار أو رأي، فقد كنت أشعر أنني مُسيَّر لما يحدث، ولم يكن أمامي سوى الموافقة على هذه الأوامر الصارمة إذا كنت أريد إنهاء المصلحة.

قبل أن أدخل، أعطاني جهاز إنذار في يدي، وأبلغني بأنه في حالة الشعور بالغثيان وعدم القدرة على استكمال المهمة، فعليَّ الضغط على الزر الأحمر لإطلاق الإنذار.

تهيأت للوقوف على بوابة السرداب، وارتعشت قدماي، وتصبب العرق، وضاق النفس، فلم أعتد على ارتداء هذا الزي وهذا القناع… وبدأت رحلة الدخول.

كان السرداب قصيرًا جدًا وضيقًا جدًا، وكان يجب عليّ الزحف في هذا الممر الضيق والطويل للوصول إلى الغرفة الحمراء التي يوجد بها الملف الخاص بي… وبدأت أسمع نبضات قلبي التي تعبر عن الوقت المسموح بانتهاء المهمة، إلى أن وجدت الغرفة وبدأت في سباق مع الزمن أقلب الملفات الموجودة.

وخلال تلك الفترة، شاهدت ما لا عين رأت، ولا خطر على قلب بشر، من حجم الحشرات والزواحف، وأنواع كثيرة ضارة ونافعة تتعايش معًا في هذه الغرفة الضيقة، وكذلك عدم وجود أي مصدر للهواء… عرفت حينها لماذا كان ضروريًّا ارتداء هذا الزي وهذا القناع.

لم يكن أمامي أي هدف سوى إيجاد الملف في أسرع وقت… وبحمد الله وجدته، فهللت بالفرحة، وانهمرت عيناي بالبكاء.
ووسط مطاردة كبيرة وكثيفة من “أصحاب السرداب” – والتي من كثرة الرعب والفزع كانت سببًا في سرعتي بالعودة – طرقت الباب كثيرًا ليتم فتح بوابة السرداب قبل لحاق هذه الوحوش بي، حتى فتحه الموظف الذي ظهرت عليه علامات الانبهار والسعادة، فاحتضنني وقبّلني.

ثم توجه مسرعًا إلى الهاتف القريب، واتصل بمديره في العمل ليبلغه أنه نجح اليوم في استخراج ملف لمواطن، وبنجاح، في الوقت المحدد لدخول السرداب، وأن المواطن عبر كل الصعوبات ويقف أمامه سليمًا معافى، وطلب من المدير إعطاءه المكافأة التي وعده بها.

أنهى مكالمته، وعاد إليّ بوجه آخر عما رأيته قبل الدخول، وساعدني في خلع القناع وثياب السرداب، وأعطاني كوبًا صغيرًا من الماء لارتشفه، وجعلني أشعر وكأنني أحرزت ميدالية قومية وسيتم تكريمي…

وما زالت السعادة على وجهه، فأبلغني أن أنتظره لأنه سيصعد لاستلام المكافأة من المدير وسيعود لي سريعًا لتوجيهي إلى الخطوة القادمة بعد حصولي على الملف.
وأنا الآن أجلس منتظرًا عودته…

أحبابي القراء الأعزاء، تابعونا…
إلى اللقاء…
[المصلحة (4)]

قرمشة…

أساس مصر
وطن اسمه مصر… يعني شعب كله جيش…
وجيش بلدنا كله شعب…
يعني مصر… يعني شعب…
يعني جيش… هم دول… نبض مصر.

وصية:
هي: حبيبي مش عارفة أقولك إيه…
هو: قولي يا حبيبتي…
هي: أصلي عاوزة أنكد عليك…
هو: ليه يا حبيبتي؟
هي: أصل دي وصية أمي…

…إلى اللقاء…

عن أحمد شعبان

شاهد أيضاً

عودة اليهود إلى مسكنهم الأصلي.. طارق رضوان يكتب

عودة اليهود إلى مسكنهم الأصلي.. طارق رضوان يكتب

بقلم: الدكتور طارق رضوان السيدة ميشيل رينوف تملك حلاً عبقرياً للقضية الفلسطينية، يقوم على إعطاء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *