الأربعاء ١٦ أكتوبر ٢٠٢٤

رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

إقرأ الآن.. الجزء الثالث من قصة “الغرف الفارغة” للكاتبة نجمة عمر علي

تنشر لكم جريدة عيون المجلس الجزء الثالث من قصة “الغرف الفارغة” للكاتبة نجمة عمر.

نغترب عن كل شيء، حتى عن كل ما ننتجه. نحن غرباء، مموضعون كأشياء مركونة في زوايا مصنع للعطور الفاخرة، لا نستطيع اقتناء قارورة منها بل نكتفي بشم رذاذه من أعناق الراقصات المارات أمام المحلات المحروسة بأبواب خشبية صدئت أقفالها.

مغترب هو عن جهده، كاغتراب الشرفاء عن عقود التصالح مع الزمن القذر. فهو قطعة لحم ملتصقة بآلة لتصنيع أفخر الأحذية من الجلد الرفيع، يقضي ربع عمره في ذلك التصميم المجوف الفارغ الذي يراه معروضًا في واجهات المحلات ولا يقدر على شرائه، ولا حتى على الوقوف للتمتع بالنظر إلى ثمرة مجهوده. لأن ملابسه رثة ولا تدل على أنه مهتم بالشراء، فيطرده الحارس الغبي قوي البنية، المتعطر برائحة العرق الكريهة من عرق جبينه.

سيمر غريبًا عما صنعت يداه، وتدهسه أحذية النساء ذات الكعب العالي فتتحكمن في سلطة قائمة على نفوذ الرأسمالية.

أما هي، فهي الغريبة في بيتها عن كل شيء. هي التي تعطي بكل جهد من روحها المنهكة لكل من يحيك ثوب التعاسة لها، فتحنو وتعطف وتنظف وراء ذلك الغول وأقزامه المنسوخة عنه. تقوم بتدثيرهم من لحافها ليعانقوه هو وينتظرونه أمام الباب متلهفين لكيس من الحلوى ليس لها منه نصيب، ولو بقطعة واحدة. ثم تتعطر وتنتظر في غرفة مظلمة فارغة، والوحدة تنهشها وهو يعطي ثمار جهدها لتلك التي تعلمت الرقص والضحك المبتور وعزف الأغاني على آلات وترية بكماء.

غريبة أنتِ أيتها الذات.

وتلك تعمل ليلاً لتصنع ثوبًا من الحرير ولا تقدر على لمسه إلا بالقفازات، وذلك يطبخ للأثرياء ولا يتذوق الثراء، وآخر يصنع أبواب السيارات التي تسرع بساكني الليل، ويتشبث بذيل الحافلة ليصل إلى سقف من قصدير يأويه بعد فوات الأوان وقد نامت الأفواه المنتظرة لقبلة منهكة.

طباخ يتذوق السم بوعي زائف مكمم.

وعن المحاربين الذين انتهت الحرب ويرفضون العودة لبيوتهم والاعتراف بالهزيمة لأنهم يكرهون فقط زوجاتهم، فلا يكفون عن البقاء في الصفوف الأولى لنيل أوسمة الشجعان. تراهم الآن وأنت تقرأ مذنبين، في حين أنهم ضحايا أمهاتهم اللواتي اخترن لهم زوجاتهم وليس حبيباتهم. كانوا البواسل أمام الدبابات، وكانوا الجبناء أمام أمهاتهم الماركسيات.

الاغتراب أمام المجتمع الذي صنع منا آلات من لحم متعفن، كاغتراب التمساح عن جلده المعلق على أكتاف المشوهات من حريق الفؤاد. يختفي الإنسان وتسود العلاقات القائمة على الاستغلال ويرتد الإنسان.

هنا ينتهي الجزء الثالث من قصة “الغرف الفارغة” للكاتبة نجمة عمر علي، وسبق أن نشرت الكتابة نجمة عمر الجزء الأول والثاني من قصتها عبر موقع جريدة عيون المجلس ويمكنك قرائته من هنا:

إليكم.. الجزء الثاني  من قصة نجمة عمر”الغرف الفارغة”

قصة الغرف الفارغة ” 1 “

عن Eyon Elmagles

شاهد أيضاً

اليوم ذكرى وفاة الفنان القدير خليل مرسى

اليوم ذكرى وفاة الفنان القدير خليل مرسى

كتبت/ هاجر الديب تحل اليوم 21 سبتمبر ذكرى ميلاد الفنان خليل مرسى الذي ولد يوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *