الجمعة ٢٠ سبتمبر ٢٠٢٤

رئيس مجلس الادارة : أحمد أحمد نور

نائب رئيس مجلس الادارة : وليد كساب

رئيس التحرير : محمد عبد العظيم

أخبار عاجلة

ثقافة ال .. لا .. وقبول الآخر !

زينب حامد

..خلق الله الإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع العيش بمفرده, فالناس جميعاً في حاجة إلى بعضهم البعض لسد احتياجاتهم ومفهوم التعاون والتكيف الاجتماعي رسخت له الأديان السماوية, أيضاً الناس طوائف وزمر متعددة وتصنيفات البشر لا تعد ولا تحصى منهم المتعلم والأمي, الأبيض والأسود, المسلم والمسيحي, الأفريقي والأسيوي … إلخ , وكانت اللغة منذ بداية الحياة وسيلة التواصل واختلفت باختلاف أماكن تواجد الناس وكل مجموعة صنعت لذاتها لغة تميزت وتأصلت بها عن غيرها ووضعت لها قواعد خاصة وحافظت عليها الأجيال المتعاقبة و كل جماعة من الناس تمتلك ثقافة وأفكار وعادات وتقاليد وقيم اختصت بها دون غيرها.

ثقافة الحوار مصطلح صيغ مؤخرا مع تطور العلوم الاجتماعية وتقسيمها نظراً للحاجة المجتمعية وثقافة الحوار تتأثر بثقافة المجتمعات وكما وصفها د.يحيى الجمل بأنها إتقان فن الاستماع قبل إتقان فن الكلام .

هناك أساسيات لثقافة الحوار وأهم هذه الأساسيات ألا يبدأ أى طرف الحوار وهو يعتقد أنه يملك الحقيقة ولا يقبل مناقشتها. هنا سيتوقف الحوار قبل أن يبدأ, وعلى ذلك فإن أول أساسية من أساسيات ثقافة الحوار هى أن يبدأ الطرفان وكل منهما مستعد لسماع رأى الآخر ومناقشته وقبوله أو رفضه بعد المناقشة وليس اتخاذ موقف مسبق قبل بدء الحوار.

وإذا تطرقنا إلى ثقافة الرفض في المجتمع العربي بشكل عام والمجتمع المصري شكل خاص نجدها غير مدعومة حيث نشأت الأجيال على الانسياق والخضوع واعتبار الرفض شكل من أشكال الخروج على المجتمع وعاداته بدايةً من الأسرة الصغيرة حيث يمثل رب الأسرة صاحب الكلمة العليا في اتخاذ القرار دون إشراك باقي أعضاء الأسرة في الأمر باعتباره الكفيل المادي والعائل الوحيد وحامى الأسرة في أغلب الأحوال, فيغرس الأب الخوف والطاعة في نفوس أبنائه ويحرم عليهم الموقف النقدي الحواري فيما يتعلق بشؤون الأسرة، ويتعرضون إلى قائمة لا تنتهي من الأوامر والنواهي باسم التربية الخلقية .

هذا أيضا نتج عن عدم الإيمان بثقافة الاختلاف والرأى والرأى الآخر وكثيرا ما نشاهد هذه الظاهرة أننا أحيانا عندما نكون مجموعة نريد أن نتحاور حول موضوع معين أن ينفرد واحد أو إثنان  من كل أفراد المجموعة بالحديث ويحاولون  فرض آرائهم على البقية حتى فى أعلى المستويات الفكرية نجد هذه الظاهرة المأساوية مما يعنى أن شهوة الحديث تسبق فن الحوار وهذا بالطبع يتعارض مع أدبيات الحوار التى تنص على احترام الطرف الآخر والتأكيد على ثقافة الاستماع وعدم اختزال نتاج الحوار فى رأى أو رأيين استنادا لقدر أصحابها , نحن أمام مجتمع صار يبنى آراء بناءا على كلام مرسل يتداوله البعض أثناء الحديث أو على مواقع التواصل الاجتماعى, يلاحظ ذلك بشكل عام عندما تحدث ظاهرة فينجرف الجميع نحوها وينطلقوا فى إصدار أحكام دون تمحيص أو رؤية الظاهرة من أبعادها المختلفة وأكثر حكم حصل على إعجاب جماهيري ينساق وراءه الآخرون.

لفظة “لا” ليست معيبة أبدا, نجد أشخاص يخشون التصريح بها وكذلك الكثير لا يتقبل أن تقال له وكأنها نوع من الإهانة أو قطع الوصال ويجب ترسيخها فى نفوس الأجيال الجديدة منعا للانسياق أو القبول بأوضاع مفروضة دون إعطاء حق إبداء الرأى والرفض وهذا الدور يقع بشكل كبير على كاهل الأسرة المؤسسات التعليمية التربوية .

يعتبر نشر ثقافة الحوار من الأمور التي تحتاج إلى وقت، فنشر هكذا ثقافة لا يعتبر من الأمور الهيّنة، خاصة في المجتمعات التي انتشر فيها الجهل، وصار الذين لا يمتلكون الثقافة، والمعرفة هم من يتقدمون ويتكلمون فيما لا يعرفون، الأمر الذي عمل على إحراج الأفكار، خاصة العظيمة منها، والتي لا تمتلك مدافعين جيدين عنها. لعلَّ التحدي الأكبر الذي يواجه من يرغبون في نشر هذه الثقافة بين الناس، يكمن في وجود العديد من الجهات الرافضة للحوار أساساً، الأمر الذي سيدفع بكل تأكيد إلى البدء مع الإنسان منذ مراحله العمرية الأولى، مع عدم إهمال تحذير الآخرين، وتوعيتهم من مخاطر استشراء الجهل، والتعصب، والانغلاق.

وفي الوقت نفسه نبذ العنف والتخلي عن ثقافة التهميش والتغييب والإقصاء والاستئصال, باعتبار أن ذلك يشكل الأساس الأول لتقدُّم المجتمعات وتطورها، وأن نهضة أي مجتمع لن تتم ولن تندفع إلى الأمام، إلا من خلال إيجاد أرضية للتعددية والتعايش، والاتفاق على صياغة مجموعة متناسقة من القيم الروحية والأخلاقية التي تأخذ في الاعتبار التنوع الإنساني الخلاق في المجتمع، والتفاعل الحر بكل مكوناته السياسة والاقتصادية والاجتماعية والفكرية، وفتح أبواب الحوار والاجتهاد الحر على مصراعيه، واستبدال ثقافة الإتباع بثقافة الإبداع، وممارسة التجريب الذي لا يتوقف في كلِّ مجال. وضرورة الانفتاح على كلِّ العوالم والثقافات التي يمكن لها أن تؤدي إلى ازدهار المعرفة والتفاعل معها، بما يؤدي إلى الإفادة منها، والإضافة إليها–  وترسيخ ثقافة تقبُّل الآخر المختلف أو المغاير عنا في كلِّ مجال، وعلى كلِّ مستوى، بصفته الوضع الطبيعي للحياة في هذه الدنيا، والشرط الضروري للثراء الناتج من التنوع. وتحرير العقل من كلِّ قيوده، ليمضي في أفقه الواعد، متحررًا إلا من التزامه مبدأ المُساءلة الذي يُخضِعُ له كلَّ شيء، بما في ذلك العقل الذي لا يكفُّ عن مُساءلة نفسه قبل مُساءلة غيره، أو حتى في فعل مُساءلة غيره.

الاختلاف رحمة ويفضى إلى نتائج مذهلة تساعد على تجديد من روح الحوار وابتكار حلول مختلفة للمشكلات واكتشاف أبعاد جديدة حسب أولويات كل فئة مجتمعية .

 

 

 

عن عيون المجلس

شاهد أيضاً

خراب فلسطين

اعتذار ومحبة إلى فلسطين.. للكاتبة نجمة عمر علي

بقلم: نجمة عمر علي بالنيابة عن شعبي وبالنيابة عن تراب وطني، أعتذر منك يا فلسطين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *