
بقلم: نجمة عمر علي
زهدًا في الحب، سلختك من جلدي… زهدًا في الحياة، لثمت قلبي كي لا تراه… زهدًا في الابتسامة، قايضت برؤيتك المبسما… عن أي حبٍ تتحدث، يا رجل، وأنت من جئت للفؤاد متوسلًا؟
أي حبٍ هذا الذي تترنم به في القصائد، وللسناء تتفقه؟ أغبيات الفؤاد هنّ كل النساء، ولذا تحسب، أم أن النساء نساء، وأنت الغبي الذي لا يعلم؟
دعك من الكلام المنمق، وللوعود الكاذبة تتوعد، أوَ بالله إن القلب بغير الحب لا يتجمل، وللعشق لا يخون. عن أي حب تتحدث، وقد بلغ الفؤاد من العناء عتيًا؟ عن أي عهدٍ وأي ذكرى فوق الرفوف تنوي أن تعلو؟
ألم يعلمك أجدادك، أو أبوك، كيف يكون الحب للرجال؟ للحب رجال تتقن مذاهبه، وللعشق ناسٌ تعرف أسراره… وقد علمتك كيف يكون الحب والعشق للأوطان، أوَ لا يكفيك أني علمتك كيف تحب أرضك؟
يا أنت… ليس كل ما لمعت له العين حبًا؛ فبعض اللمعان سببه غبار جرح العين… وليس كل الكلام بالوجد يتعرش؛ فالعرش لا يُنسب إلا لخالق الأكوان. وليس كل من قال للعهد “أنا” صدق، وليست كل النساء للنجوم أشباه؛ فالعلياء جارة القمر، لا تدنوها الأيادي العابثات…
فينوس تنتظر القمر ليقترب، فهل سمعت يومًا بالقمر قد غيّر مكانه؟ وهل سمعت بنجمة الفجر من القمر اقتربت؟ بين هذا وهذا، شتان، وبيننا سؤال عند الرحمن. فويل لكل متسلطٍ خوانٍ كجلد الماعز مسلوخ، وليس له عندي هنا مكان.
وإن تهت في صحراء الحبر، فاسأل، فمن سأل ما تاه… هناك في قرطاج، اسأل عن نسور فوق الجبال الشاهقات، وفي بغداد، اسأل عن فارسات الفرات، وفي اليمن، اسأل عن ذات الحجاب، وفي فلسطين، اسأل عن وجوه الصابرات، وفي السودان، اسأل عن ضحكات الغوالي، وفي بيروت، اسأل عن طريق الرايات، وفي الشام، اسأل عن سيدة الكلمات.
قد تغفو طفلًا، وتصحو فجأة رجلًا، أما أنا، فما غفوت طفلة، وما صحوت فجأة امرأة؛ ولدت منذ يومي الأول امرأة بصرخة ثائرة… فلا الغزل يدنوه قلمي، ولا قلبي يسكنه خائن.
من قال أن للخونة فرص ثانية؟ من هان عليه تراب أرضه، هان عليه عهده، وما نحن بمن تهون علينا الأرض، ولكن الخونة علينا هانوا. فسحقًا للمطر الذي يجرف البذر، وأهلاً بالشمس التي تجفف الأثر.