مسلسل “ايجار قديم” يُزيف حقيقة أزمة الإيجار القديم..!

بقلم الدكتور/ محمد سالمان

يعد الفن السينمائي والتلفزيوني واحدًا من الفنون التى تحاكي الواقع, وتنقله للمشاهد في صورة درامية أو كوميدية، بهدف المتعة اولًا، وبهدف القاء الضوء على لقطة حياتية نعيشها ثانيًا، ولا شك أن للفن دوره في اعادة صياغة للحياة، فهو دائما يطمح لتغيير الواقع إلى ما هو افضل، ولذا اكتسب الفن المرئي جمهورًا كبيرًا في مقابل الأدب المقروء.

شاهدت مسلسل ” ايجار قديم ” الذي يعرض الآن على شاشة التلفاز المصري، وهو من تأليف وسيناريو عمرو الدالي، واخراج طارق طلعت، وبطولة شريف منير، ومصطفى عبدالله، ويمكننا ملاحظة عدة نقاط مأخوذة على هذا المسلسل كما يلي:

اولًا: عنوان المسلسل ” ايجار قديم ” وهو عنوان مقصود لجذب جمهور كبير من المشاهدين, وخاصًة أنه يمس علاقة شائكة بين شريحتين من شرائح المجتمع المصري، هما المالك والمستأجر.

ثانيًا: أوضح المسلسل أن المالك رجل وحيد, لا ذرية له ولا ورثة، فهو كنبت شيطاني، فى مقابل عدد من الأسر المستأجرة، وفي ذلك اشارة خبيثة أرادها المؤلف, بأن يثبت تفوق عدد المستأجرين على عدد الملاك، وهو واهم في هذا الزعم ! ولو نظر إلى تقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لتغير رأيه تماما ! ولم نر فى هذا الكوكب الارضي أن رجلًا يعيش وحده بلا ورثة، مجرد من البنوة والأخوة و الأعمام ، وكأن احدًا ألقاه فوق هذه الارض كي يحيا وحيدًا، وهو ضد المنطق وينافي العقل والواقع ! ولو نظر المؤلف نظرة موضوعية عادلة لكان له رأي آخر عكس ما اوضحه في مسلسله.

ثالثا: واضح أن المؤلف من خارج القطر المصري، إذ أظهر البنايات في تألقها وازدهارها وكأنها بنايات حديثة، مع العلم أنها في الواقع بنايات قديمة متهالكة، تشكوا إلى الله الاهمال وعدم الصيانة، لا من المالك الذي يتقاضى قروشًا زهيدًة لا تسد جوعه ولو لوجبة واحدة، ولكن من المستأجر الذي ينعم بها، ويبخل في صيانتها، وتكون النتيجة مئات البيوت المنهارة سنويًا، بسبب هذا الاهمال.

رابعا: أوضح المؤلف علاقة الحب المتناغم بين المالك والمستأجر، حتى أن المستأجر يعرض على المالك – المسكين – أن يستضيفه معه فى الشقة (!!) ولو ذهب المؤلف إلى المحاكم المصرية لرأى بعينه آلاف القضايا بين المالك والمستأجر !

وهل من المنطق ان يأخد المالك بضعة قروش ايجارًا لعمارته التي من المفترض أن تدر عليه دخلًا يكفيه، وتكون العلاقة بين المالك والمستأجر علاقة يسودها المودة والمحبة، وأن القضايا بينهما كانت من أجل توثيق هذه المحبة وزيادة روابطها !!

هناك العديد من الملاحظات على هذا المسلسل، وكان ينبغي على المؤلف أن يكون منصفًا في طرح رؤيته، وكان عليه أن ينظر إلى القضية من شتى جوانبها, لا أن ينظر من زاوية ضيقة بها ظلم أكثر على الجانب المظلوم منذ سنين .

أن غاية الفن السمو الاخلاقي، ونصرة المظلوم وتعديل السلوك، وارساء قواعد العدالة، حتى يتسنى لمتخذ القرارات النظر إلى ماهو افضل وارقى، تلك هى غاية الفن ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.